وكذلك نقولُ في {وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} ولذلك قال: (ثُلَاثَ) ولَمْ يَقُلْ: (ثُلَاثٍ)، وقال:{وَرُبَاعَ} ولم يَقُلْ: (وُرَباعٍ).
قَوْله تعالى:{يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ}؛ أي: يزيدُ في الخَلْقِ سواء كان في المَلائِكَة أو غَيْرِهم، يزيدُ ما يشاءُ مِمَّا تَقْتَضيه حِكْمَتُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ولذلك تَجِدُ المَخْلوقاتِ لَها أَيْدٍ وأَرْجُلٌ بِحَسَب حاجَتِها إلى هذه الأَيْدي والأَرْجُل، فبنو آدم لهم أَرْجُلٌ يَمْشون بها، ولهم أيدٍ يَبْطِشونَ بها ولا يَمْشون بها؛ لأنَّ هذه الأَيْديَ مَحَلُّ الأَخْذِ والعطاء، فَأُكْرِمَ الإِنْسَانُ بأن تكونَ يداه غيرَ مُسْتَعْمَلةٍ في المَشْي، بخلاف الحيوانِ؛ فالحيوانُ يداه مُسْتَعْمَلةٌ في المَشْيِ؛ لأنَّه يأخُذُ بِفَمِه، ويُعْطي بفَمِه، وَينْقل بفَمِه، حتى الهِرَّة إذا أرادَتْ أن تنقل أولادَها تَنْقِلُهم بفَمِها، لكنَّ الآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ، فجعل الله تعالى يَدَيهِ غيرَ مُسْتَعْمَلَتينِ في المَشْيِ، فهو يَزيدُ في الخَلْقِ ما يشاءُ على حَسَب ما تَقْتَضيهِ الحِكْمَةُ وحاجَةُ ذلك المَخْلوقِ، وكلُّ ما ذكره الله عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا هو مُعَلَّقٌ بِمَشيئَتِه فقد تقدَّم أنَّه مَقْرونٌ بالحِكْمَة.
فكان الجوابُ من هذه الجُمْلَة أنَّه سَهْلٌ؛ لأنَّ الله على كُلِّ شَيْء قديرٌ، فكلُّ شَيْءٍ مَوْجودٍ قادِرٌ على إعْدامَهِ، وكُلُّ مَعْدومٍ قادِرٌ على إيجادِهِ.
لكنْ لو قال لك قائِلٌ: هل يَقْدِرُ على أن يَجْعَلَ الشَّيْءَ المُتَحَرِّك ساكِنًا في آنٍ واحِدٍ؟
نقولُ: كَلِمَة (مُتَحَرِّك) نَقيضُ (ساكِن) إذا وَصَفْتَه بالمُتَحَرِّك فيقينًا ليس بساكنٍ، وإذا وَصَفْتَه بأنَّه ساكِنٌ، فيَقينًا ليس بِمُتَحَرِّك؛ فلذلك قال العُلَماءُ رَحِمَهُم اللهُ: