قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} يا مُحَمَّدُ في مَجيئِكَ بالتَّوْحيدِ والبَعْثِ، والحِسابِ والعقابِ، {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}].
قَوْله تعالى:{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ}: (إنْ) هنا شَرْطِيَّةٌ، وفِعْلُ الشَّرْط {يُكَذِّبُوكَ} وجوابه {فَقَدْ كُذِّبَتْ} واقْتَرَن بالفاء؛ لأنَّه مُصَدَّرٌ بـ (قد).
{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ} أي: يَنْسِبوكَ إلى الكَذِب، فيقولون: إنَّكَ كاذِبٌ، لست رسولًا مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ، بل أنت ساحِرٌ ومَجْنونٌ وكاهِنٌ وشاعِرٌ وما أشبه ذلك، وبَعْضُهم يقول: لا بَعْثَ ولا جزاءَ ولا حِسابَ ولا عِقابَ، إن كَذَّبوك فهذا أمرٌ ليس بِبِدْعٍ مِن بني آدم وليس غريبًا من صنيعِ بني آدَمَ.
{فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ} مَنْ كَذَّبَهُم؟ كَذَّبَهُم أَقْوامُهُم حتى قال الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّهْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ والرَّجُلان، وَالنَّبِيَّ وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ"(١) حتى إنَّ نوحًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَبِثَ في قَوْمِه ألْفَ سنةٍ إلا خَمْسينَ
(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفًا بغير حساب، رقم (٦٥٤١)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، رقم (٢٢٠)، من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.