للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٦)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجلَّ: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: ٦].

* * *

هذه الجُمْلَةُ مُؤَكَّدَة بـ {إِنَّ}، وقال: {لَكُمْ عَدُوٌّ} ولم يَقُلْ: (إنَّ الشَّيْطان عَدُوُّكم) لثُبُوتِ هذه العداوَةِ؛ ولهذا أتى بالجُمْلَةِ الإسْمِيَّة المُكَوَّنَةِ من مُبْتَدَأ وخَبَرٍ، فـ {عَدُوٌّ}: مُبْتَدَأ مُؤَخَّرٌ و {لَكُمْ}: خبَرُ مقدَّمٌ, وتقديمُ الخَبَرِ هنا يفيد الحَصْر؛ يعني: كأنَّه ليس عَدُوًّا إلا لكم، ومعلومٌ أنَّ من انْحَصَرَت عداوَتُه في شَخْصٍ فإنَّه يَجِب عليه أن يَحْتَرِز منه أكثَرَ وأكثر.

وَقَوْله تعالى: {عَدُوٌّ} على وَزْنِ فَعُولٍ، فهي صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، والعَدُوُّ ضِدُّ الوَلِيِّ، فإذا كان الوَلِيُّ هو النَّاصِرَ المُتَوَلِّيَ لأَمْرِك المُعْتَنِيَ به، فالعَدُوُّ هو الخاذِلُ الذي لا يُهِمُّه أَمْرَك، فالشَّيْطانُ عَدُوٌّ، يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} لمَّا أكَّد أنَّه عدُوٌّ لنا رَتَّبَ على ذلك فقال: {فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} والفاءُ هنا يُسَمُّونَها فاءَ التَّفْريعِ؛ أي: فِبَسَبَب ثُبوتِ كَوْنِه عَدُوًّا اتَّخِذوه عَدُوًّا؛ يعني: اجْعَلوه عَدُوًّا لكم بحيث تَنْفِرون منه نُفُورَكُم من الأَعْداءِ.

فإذا قال قائل: كيف نَتَّخِذُه عدُوًّا؟

الجوابُ: نَتَّخِذُه عَدُوًّا بِكَرَاهَتِه وبُغْضِه، وبِعَدَمِ الإنْصياعِ لِأَمْرِهِ وَوَسْوَسَتِهِ؛

<<  <   >  >>