للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٠)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ} [فاطر: ١٠].

* * *

{مَنْ} هنا شَرْطِيَّةٌ والشَّرْطُ فيها ظاهِرٌ؛ يعني: يقول: أيُّ إِنْسَانٍ يريدُ العِزَّة فلِلَّهِ العِزَّةُ جميعًا {مَنْ كَانَ} لكنَّها عامَّة؛ لأنَّ أَسْماءَ الإسْتِفْهامِ وأَسْماءَ الشَّرْطِ والأَسْماءَ الموصولَةَ كُلَّها تُفيدُ العُمُومَ؛ يعني: أيُّ أَحَدٍ يريد العِزَّةَ؛ أي: يَطْلُبُها ويَحْرِص عليها، والعِزَّةُ هي الغَلَبَة والمَنَعَة وقهر الأَعْداءِ.

{فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} أي: فَلْيَطْلُبْها منه، فما دامت العِزَّةُ له مِلْكًا وتَصَرُّفًا فإنَّها لا تُطْلَب إلا منه؛ كما لو قُلْتَ: (من كان يريدُ المالَ فالمالُ عند زَيْدٍ) المَعْنى: فَلْيَطْلُبِ المالَ من زيدٍ، والمَعْنى هنا: من كان يريد العِزَّةَ فلْيَطْلُبِ العِزَّةَ من الله لا من غَيْرِهِ، هذا يُرادُ به الرَّدُّ على أولئك الذين يَعْبُدون الأَصنامَ لأجل أن يتَّخِذوا منها العِزَّة، ففي هذه الآيَة إشارَةٌ إلى أنَّه لا عِزَّة لهذه الأَصْنَام: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا} [مريم: ٨١].

الجواب: {كَلَّا} [مريم: ٨٢] لن يكونوا لهم عِزًّا، بل بالعَكْس، سيُذِلُّونَهم في موقعٍ هم أَحْوَجُ ما يكونوا إلى العِزَّة {سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا}

<<  <   >  >>