للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٩)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} [فاطر: ١٩].

* * *

يعني: لا يَسْتَويانِ في إدراك المُبْصَراتِ، ليس المَعْنى نَفْيَ التَّساوي مُطْلَقًا؛ لأنَّ الأَعْمى قد يَفْضُلُ البَصيرَ في أُمُورٍ أخرى، لكن لا يَسْتويانِ في إدراك المُبْصَرات وهذا ظاهِرٌ؛ فالأعمى إذا قام يَمْشِي وأمامَهُ حُفْرَةٌ أو حَجَر وقع في الحُفْرَة وعَثَرَ في الحَجَر، والبَصيرُ بالعَكْس، فلا يستوي هذا وهذا، والأَكْمَل هو: البصير؛ وهذا مَثَلٌ حِسِّيٌّ يَجِبُ أن نَنْتَقِلَ منه إلى المثل المعْنَوِيِّ.

وأمَّا قَوْلُ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [الكافِر والمُؤْمِن] ففيه نَظَرٌ، يعني: كأنَّه يريد أن يقول: إنَّ الأَعْمى هو الكافر والبَصيرَ هو المُؤْمِن، ولكِنَّنا نقول: لا، الآيَةُ يُرادُ بها نَفْيُ المُساواةِ في الأُمُور الحِسِّيَّة الظَّاهِرة التي لا يُنْكِرُها أَحَد، إذ إنَّ الكافِرَ والزِّنديقَ والمُعانِدَ والمُسْتَكْبِر لا يُمْكِن أن يَدَّعُوا تساوي الأَعْمى والبصير، لكن قد يَدَّعُون تساوِيَ المُؤْمِن والكافر.

* * *

<<  <   >  >>