للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ القُرْآن كِتَابٌ؛ أي مكتوبٌ، وهو مكتوبٌ في اللَّوْحِ المَحْفوظِ، ومكتوبٌ في الصُّحُف التي بأيدي المَلائِكَةِ، ومكتوبٌ في الصُّحُف التي بأيدينا.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ هذا القُرْآن مُصَدِّقٌ لما سَبَقَه من الكُتُب؛ لِقَوْله تعالى: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}.

ويتفرَّع على هذه الفائِدَة: أنَّ الذي يُؤْمِنُ بهذا القُرْآن مُؤْمِنٌ بالكُتُب السَّابِقة؛ لأنَّ هذا القُرْآن مُصَدِّقٌ لها فيكون الإيمانُ به إيمانًا بما سبق من الكُتُب.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الإسْتِشْهادُ بالأَمْرِ الواقِعِ حتى وإن كان مِن عند الله؛ بمَعْنى أنَّ الله تعالى يَسْتَشْهِد بالأَمْرِ الواقِعِ؛ ليزدادَ إيمانُ المُؤْمِنين؛ وَجْهُ ذلك قَوْلُه تعالى: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} على أَحَدِ المَعْنَيَيْنِ، وهما أنَّه وَقَعَ مُطابِقًا لما أَخَبَرَتْ به، فإنَّه إذا أَخْبَرَتْ به ثم جاء فهذا دليلٌ على صِدْقِه، كما قال الله تعالى: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء: ١٩٧]، فاسْتَشْهَد الله تعالى بعِلْمِ عُلَماءِ بني إسرائيل زيادةً في التَّثْبيتِ وإقامةً للحُجَّةِ على المُنْكِرين من أَهْلِ الكِتَاب.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: رَحْمَةُ الله تعالى بعباده؛ حيث لم يَدَعْهُم هَمَلًا، بل أنزل إليهم الكُتُب التي يَسْتَنيرون بها في سَيْرِهم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لِقَوْله تعالى: {لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: سَعَةُ التَّعْبيرِ في اللُّغَة العَرَبِيَّة، وأنَّ المَقصودَ المَعْنى دونَ مُجَرَّدِ اللَّفْظِ؛ لِقَوْله تعالى: {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ} لأنَّه قد يقول قائل: وهل للقُرْآنِ يَدٌ؟

فالجواب: أنَّ هذا من بابِ التَّوَسُّع في التَّعْبيرِ في اللُّغَة العَرَبِيَّة، وأنَّ المقصود هو المَعْنى، والأَلْفاظُ قَوالِبُ تَدَلُّ على المَعْنى؛ إذ قوالِبُ الشَّيْء يعني: أَوَانيه التي يُجْعَلُ

<<  <   >  >>