للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها، فأنت مثلًا إذا قُدِّمَ إليك (كرتون) مُزْخَرْفٌ مُزَيَّنٌ بالذَّهَب تَسْتَدِلُّ بهذا على ما في باطِنِهِ وأنَّه شَيْءٌ غالٍ قَيِّمٌ، فالأَلْفاظُ في الواقِعِ قوالِبُ يُسْتَدَلُّ بها على ما تَضَمَّنَتْه من المعاني، وليس لها - أي للألفاظ - مَعْنًى ذاتِيٌّ حتى لا تتغَيَّر بأيِّ تركيبٍ كانت بل هي تتغَيَّر بحَسَب التَّرْكيباتِ والصِّيغِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: في قَوْلِه تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فَضْلُ الله عَزَّ وَجَلَّ على هذه الأُمَّةِ؛ حيث أورثها هذا الكِتَابَ العظيم الذي وَصَفَه الله تعالى بأنَّه حَقٌّ وأنَّه مُصَدِّقٌ لما بين يديه؛ أَوْرَثَه الله تعالى هذه الأُمَّةَ؛ ففي ذلك بيانُ فَضْلِ الله علينا بهذا الإِرْث.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ هذه الأُمَّة أَفْضَلُ الأُمَم؛ لِقَوْله تعالى: {الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} وهم هذه الأُمَّة، واسْتَدْلَلْنا لذلك أيضًا بآيَةٍ أخرى وهي {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: ١١٠].

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: الإشارَةُ إلى الفَتْرَة بين عيسى ومُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؛ تؤخَذُ من (ثم) الدالَّة على التَّراخي، وهو كذلك، ولا نَعلَمُ فترةً أَطْوَلَ منها بالنِّسْبَةِ لما بين الرِّسالاتِ والكُتُبِ المُنَزَّلَة، فقد قيل: إنَّ أطولَ ما كان بين آدَمَ ونُوحٍ، وهذا أمرٌ قد يَشُكُّ فيه الإِنْسَان، لكن ما بينَ عيسى ومُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حوالي سِت مِئَة سنةٍ.

وإنَّما طالَتِ الفَتْرَةُ لتَشْتَدَّ حال النَّاس إلى إرسالِ الرُّسُلِ، فتأتي الرِّسالَة المُحَمَّدِيَّة إلى قومٍ في غايةِ الضَّرورَةِ إلى الرِّسالَة والوَحْيِ، ويكون لرِسالَتِهِ مَزِيَّةٌ عَظيمَةٌ؛ حيث جاءت كالمَطَرِ يَنْزِلُ على أَرْضٍ مُجْدِبَة فتكون أشَدَّ قابليَّةً له وأشَدَّ تأثُّرًا به.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: تقسيمُ هذه الأُمَّة إلى ثلاثَةِ أَقْسامٍ: ظالِم لِنَفْسِه، ومُقْتَصِد، وسابِق بالخَيْراتِ.

<<  <   >  >>