للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٧)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: ٣٧].

* * *

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} يَسْتَغيثونَ بِشِدَّة وعَويلٍ].

قَوْله تعالى: {يَصْطَرِخُونَ فِيهَا} هذه من الصُّراخِ، والصُّراخُ مَعْروفٌ وهو رَفْعُ الإِنْسَانِ صَوْتَه أَشَدَّ ما يُرْفَعُ، وأصلها: (يَصْتَرِخونَ) أُتِيَ بالتَّاءِ للْمُبالَغَةِ في الصُّراخِ، كما يقال خَطَبَ واخْتَطَبَ، واخْتَطَبَ أَبْلَغُ من خطب، صَرَخَ واصْطَرَخَ، فاصْطَرَخَ أبْلَغُ من صَرَخَ.

وقد ذكروا قاعِدَةً أَغْلَبِيَّةً في هذا المقام، فقالوا إنَّ زيادةَ المَبْنى تَدُلُّ على زيادة المَعْنى، لكن هذه القاعِدَة أَغْلَبِيَّة؛ لأنَّها تَنْتَقِضُ بشَجَرَةٍ وشَجَرٍ وبَقَرَةٍ وبَقَرٍ؛ فإن شَجَرَة زائِدَةُ المَبْنَى على شَجَر ناقِصَة المَعْنى؛ يعني شَجَرَة تدلُّ على واحِدٍ، وشَجَر على جَمْعٍ، لكنَّ الغالِبَ أنَّ ما زاد في المَبْنى زاد في المَعْنى، فاصْطَرَخَ لا شَكَّ أنَّها أَبْلَغُ من صَرَخَ؛ فهم - والعياذ بالله - يَصْطَرِخون هذا الصُّراخَ العَظيمَ في النّارِ، يَصْطَرِخون فيها يقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}.

فَقَوْله تعالى: {رَبَّنَا} فالآنَ يُقِرُّون بالرُّبوبِيَّة وأنَّه لا يُغيثُهُم من الشِّدَّة إلا الله،

<<  <   >  >>