للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٤)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: ٣٤].

* * *

قالوا يعني: أَهْلَ الجَنَّة، ويقولون ذلك بعد دُخولِ الجَنَّة.

{الْحَمْدُ لِلَّهِ} الحَمْدُ له سببانِ: الأَوَّل كَمالُ المَحْمودِ، والسَّبَبُ الثاني إنعامُ المَحْمودِ بِخِلافِ الشُّكْر بل إنَّه ليس له إلا سَبَبٌ واحِدٌ، وهو إنعامُ المشكور، ولعَلَّنَا نَتَطَرَّقُ إلى الفَرقِ بين الحَمْدِ والشُّكْر:

فالحَمْدُ قلنا له سببان، فهو أَعَمُّ من الشُّكْر من حيث السَّبَبُ فإنَّ سببه كمالُ المَحْمودِ وإِنْعامُ المَحْمودِ، الشُّكْرُ ليس له إلا سببٌ واحِدٌ وهو إنعامُ المَشْكورِ، فالحَمْدُ أَعَمُّ؛ لأنَّه يكون على هذا وهذا، والشُّكْرُ يكون بالقَلْبِ واللِّسانِ والجوارح؛ بالقَلْبِ أن يَعْتَرِفَ الإِنْسَانُ بِقَلْبِه بنِعْمَة المُنْعِم؛ وباللِّسانِ أن يَشْكُرَه بِلِسانِهِ ويُثْنِيَ عليه بلِسانِهِ؛ وبالجوارِحِ أن يَقومَ بِطاعَتِهِ فلا يُخالِفُه، وعليه قَوْلُ الشَّاعِرِ:

أَفَادَتْكُمُ النَّعْمَاءُ مِنِّي ثَلَاثَةً ... يَدِي وَلِسَانِي والضَّميرَ المُحَجَّبَا (١)

أمَّا الحَمْدُ فلا يكونُ إلا باللِّسانِ؛ لأنَّ الحَمْدَ وَصْفُ المَحْمودِ بالكمال فلا يكونُ إلا باللِّسانِ.


(١) غير منسوب، وانظره في غريب الحديث للخطابي (١/ ٣٤٦)، والفائق للزمخشري (١/ ٣١٤).

<<  <   >  >>