للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَوْله تعالى: {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} لما ذَكَرَ ما يُلْبَسُ في اليَدِ ذكر اللِّباسَ العامَّ على جميع البدن؛ فقال: لباسُهُم في الجَنَّة حريرٌ، وحريرُ الجَنَّة ليس كحريرِ الدُّنْيا الذي تُفْرِزُه أو تَصْنَعه دودة القَزِّ؛ فهو قابِلٌ لِكُلِّ آفَةٍ، بل حريرُ الآخِرَة حريرٌ لا يُماثِلُه شَيْءٌ من حريرِ الدُّنْيا أبدًا.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ جزاء أولئك القَوْمِ الذين أُورِثوا الكِتَاب على اخْتلافِ طَبَقاتِهِم الثلاثِ؛ أنَّ جزاءهم جناتُ عَدْنٍ؛ لِقَوْله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} أو (يُدْخَلُونَها) على قِراءَتَيْنِ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: الإشارَةُ إلى كمال نَعيمِ الجَنَّة لِكَوْنِها جناتٍ بَهيجَةً، وكَوْنِها مَحَلَّ إقامةٍ لا ظَعْنَ منها أبدًا؛ لِقَوْله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: ما يُنْعِم الله على عباده في هذه الجنَّات من أَنْواعِ الفَواكِهِ والمطاعِمِ بدخوله في كَلِمَةِ {جَنَّاتُ} وكذلك مِن الملابِسِ؛ لِقَوْله تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا}.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الجَنَّة ليست دار تَكْليفٍ؛ أي: دارًا يُمْنَعُ منها العبدُ مِمَّا يتَنَعَّم به، بل يَتَنَعَّمُ بِكُلِّ ما شاء؛ لأنَّنا نَعْلَمُ جميعًا أنَّ تَحَلِّيَ الرِّجالِ في الدُّنْيا بالذَّهَب مَمْنوعٌ وحرامٌ، لَكِنَّه في الجَنَّة مباحٌ وممنوح، وليس بممنوعٍ؛ لأنَّ الجَنَّة لهم فيها ما يشاؤونَ بل أكثر مِمَّا يشاؤون ويريدونَ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: ومنها ما يَحْصُلُ من الجمال بِتَنْويعِ الحُلِيِّ؛ لكونه من ذَهَبٍ ولؤلؤ، وفي الآيَةِ الأخرى فِضَّة، وهنا لم يَذْكُرِ الله تعالى تحديدَ هذه الحِلْيَةِ، لكن

<<  <   >  >>