للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ تَكْذيبَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ليس بِبِدْعٍ من البَشَر؛ فقد كَذَّبَتِ الأُمَمُ قبله {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: عِنايَةُ الله تعالى بالرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - بِذِكْر ما يُسَلِّيه ويُهَوِّن عليه الأَمْرَ.

وذِكْرُ المُصيبَة المُماثِلَة تَقْتَضي تَسْلِيَة الإِنْسَانِ وتَهْوينَ الأَمْرِ عليه؛ ولهذا لو جئتَ إلى مريض وقُلْتَ: (والله أنت اليومَ طَيِّبٌ، ومَرَضُك أَهْوَنُ من مرض فلان، فلانٌ أُصيبَ بِمَرَض كذا وكذا) فإنَّه يَتَسَلَّى بلا شَكٍّ وكذلك لو أصيب بحادِثٍ، وقلت: إنَّ فلانًا أصيب بحادِثٍ أَعْظَمَ فإنَّه يتسَلَّى.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إنذارُ المُكَذِّبين لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّ الله ذكر كَيْفَ كَانَ {عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [يوسف: ١٠٩] وكانت عاقِبَتُهم الدَّمارَ والهلاكَ، وقد أشار الله إلى هذا في قَوْله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [مُحَمَّد: ١٠] يعني: لا تَظُنُّوا أنَّ الدَّمارَ الذي لَحِقَ المُكَذِّبينَ السَّابقينَ؛ لا تَظُنُّوا أنَّه خاصٌّ بهم، بل إذا كَذَّبْتم أصابكم ما أصابَهُم.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لم يَتْرُكِ الرُّسُلَ هَمَلًا، بل آتاهُم من البَيِّنات ما يُؤْمِنُ على مِثْلِه البَشَر؛ لِقَوْله تعالى: {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: تمَامُ حِكْمَة الله عَزَّ وَجَلَّ ورَحْمَته وإقامة حُجَّته، وهذا مَأْخوذٌ من قَوْله تعالى: {جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ} لأنَّه إنَّما أعطى هؤلاء الرُّسُلَ البَيِّناتِ لِتمامِ إقامَةِ الحُجَّة والرَّحْمَةِ والحِكْمَة.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ مِن أَعْظَمِ البَيِّناتِ ما جاءت به الرُّسُلُ من الشَّرائِعِ التي

<<  <   >  >>