يقولون: إنَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إذا كان فِعْلُ العبد في غَيْر مَشيئَتِه فإنَّه غَيْر قادرٍ عليه؛ لأنَّ اللهَ قادرٌ على ما يشاء فقط.
فلأَجْلِ هذا نقول: إنَّ هذه العِبارَة لا تَنْبَغي، وإن كان صاحِبُها يريد بها معنًى صحيحًا، فقد يُريدُ بها معنًى صحيحًا كما هو ظاهِرُ عبارَةِ كَثيرٍ من المُسْلمينَ الذين يَنْطِقونَ بهذا الشَّيْءِ، ونقول: إنَّ الأكْمَل أن تقول: "إنَّ الله على كُلِّ شَيْء قديرٌ".
فإن قلت: إنَّه ورد في قِصَّةِ آخِرِ من يُدْخِلُه اللهُ الجَنَّة فيقول اللهُ له: لمَّا قال هذا لكَ وعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، قال الله له:"إِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ"(١) هذا حديثٌ قدسيٌّ؟
فالجواب: أنَّ هذا في قَضِيَّة مُعَيَّنَة؛ يعني: لو وَقَعَ شَيْء يَسْتَغْرِب الإِنْسَانُ وُقوعَهُ وَيسْتَبْعِدُه، فلنا أن نقول: إنَّ الله تعالى إذا شاء شيئًا فهو قادرٌ عليه؛ بمَعْنى أنَّه فاعِلُه كقَوْله تعالى:{وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}[إبراهيم: ٢٧] بخلاف القُدْرَة المُجَرَّدَة عن الفِعْل، فإنَّ هذه لا تُقَيَّد بالمَشيئَة.