للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ رحيمٌ بعبادِهِ يُعَلِّمُهم كيف يَحْمَدونَه؛ لأنَّ قَوْله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} خَبَرٌ, لكن معناها الإرشادُ والتَّوجيه؛ كما قال الله تعالى في آيَة أخرى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ} [الإسراء: ١١١].

ولهذا ذَهَبَ بعضُ العُلَماء رَحِمَهُم اللهُ إلى أنَّه كلَّما جاءت {الْحَمْدُ لِلَّهِ} فهي على تَقْدير: (قل) حتى قالوا في قَوْله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] المَعْنى: (قل: الحَمْدُ لله).

ولكنَّ الصَّوابَ خلافُ ذلك، وأنَّ هذا خَبَرٌ من الله ونَحْنُ نَتْلوه نُثْنِي به على الله، ولا حاجَةَ إلى أنْ يَأْمُرَنا الله بذلك.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إِثْباتُ اسْمِ (الله) للرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ، وهذا الإسْمُ خاصٌّ به، لا يقال لغيره، وهو أَصْلُ الأَسْماءِ؛ ولذلك تأتي الأَسْماء بعده في الغالِبِ صِفَةً له، ولا تأتي سابِقَةً عليه إلا نادِرًا كما في قَوْلِه تعالى: {إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} [إبراهيم: ١ - ٢] وإلا فإنَّ الغالِبَ أنَّ الأَسْماء تأتي تابِعَةً له، فهو أصل الأَسْماءِ؛ ولهذا لا يُسَمَّى به غَيْره أبدًا لا عَلَمًا ولا صِفَةً بأيِّ حالٍ مِنَ الأَحْوالِ.

وهل هو مُشْتَقٌّ أو اسمٌ جامِدٌ؟

الصَّحِيح بلا شَكٍّ: أنَّه مُشْتَقٌّ؛ لأنَّ جَميعَ أَسْماء الله تعالى مُشْتَقَّة؛ بمَعْنى أنَّها دالَّةٌ على المعاني التي أُخِذَتْ منها؛ فهو مُشْتَقٌّ من الأُلُوهِيَّةِ؛ لأنَّ الإشتقاقاتِ تكونُ من المَصْدَرِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ هو فاطِرُ السَّمَواتِ والأَرْضِ لم يُشارِكْه أحدٌ في ذلك لِقَوْله تعالى: {فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

<<  <   >  >>