للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٥)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: ٣٥].

* * *

قَوْله تعالى: {الَّذِي} هنا يجوز أن تكون صفةً لما سبق وهو الله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}: {الَّذِي أَحَلَّنَا} ويُحْتَمَل أن تكون استئنافًا؛ يعني أنَّها في مَحَلِّ رَفْعٍ على القطع؛ لأنَّ المَنْعوتَ إذا عُلم وتَعَدَّدَ النَّعْتُ له جاز في النَّعْتِ الثاني القَطْعُ والإِثباتِ، كما قال ابن مالك رَحِمَهُ اللَّهُ:

وَإِنْ نُعُوتٌ كَثُرَتْ وَقَدْ تَلَتْ ... مُفْتَقِرًا لِذِكْرِهِنَّ أُتْبِعَتْ (١)

وإن لم يكن مُفْتَقِرًا جاز القَطْع.

{الَّذِي أَحَلَّنَا} أي أَنْزَلَنا {دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ}.

{الْمُقَامَةِ} هنا بمَعْنى الإقامَةِ فهي إذنْ ظرفُ مكانٍ، أو أنَّها مصدر ميمي دخلتْه التاء، ودار المُقامَة هي دار الجَنَّة ووُصِفَت بذلك لأنَّ ساكنيها مقيمونَ فيها أبدًا ولأنَّهم لا يريدونَ الإِقامَةَ بغيرها، كلُّ واحدٍ منهم لا يبغِي حِوَلًا عما هو فيه؛ لأنَّه يرى أنَّه أَكْمَلُ أَهْل الجَنَّة؛ بل إنَّ الله أَقْنَعَهُم بما هم عليه من النَّعِيمِ حتى لا يتطلَّعوا إلى نعيمٍ أكثر فيَحْتَقِروا ما هم فيه، بخلاف أَهْلِ النَّارِ فإنَّ أَهْل النَّار كلُّ واحدٍ منهم يرى أنَّه أَشَدُّ أَهْل النَّار عذابًا؛ لأنَّه لو يرى أن غَيْرَهُ أَشَدُّ منه لَهانَ عليه العذابُ.


(١) الألفية (ص ٤٥).

<<  <   >  >>