وهو أيضًا مَحْمودٌ على أَمْرَيْنِ: على ما له من كمال الصِّفاتِ، وعلى ما له من كمالِ الإِنْعامِ؛ فهو مَحْمودٌ لِكَمالِ صِفاتِهِ ومَحْمودٌ لِكَمالِ إِنْعامِهِ وهنا نقول: الحَميدُ مَحْمودٌ لِكَمالِ غِناهُ وكَمَالِ جُودِهِ بهذا الغِنَى؛ لأنَّه ليس كلُّ غَنِيٍّ يكون مَحْمودًا بِبَذْلِ ما عنده من الغِنَى، لكِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ غنيٌّ حَميدٌ.
قَوْله تعالى:{وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}: {هُوَ} ضميرُ فصل، وضَميرُ الفصل له ثلاثُ فوائِدَ:
١ - الحَصْر، فالله هو الغَنِيُّ لا غَيْرُهُ، فكما تقول:(زَيْدٌ هو الفاضِلُ)؛ يعني: لا غَيْرُه.
٢ - الفَصْلُ بين الخَبَرِ والصِّفَة؛ يعني: التَّمْييزُ بينهما.
٣ - التَّوْكيد؛ فإذا قلت:(زيدٌ هو القائِمُ) فهذا أَوْكَدُ من قَوْلك: (زيدٌ قائِمٌ).
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ جميعَ الخَلْقِ مُفْتَقِرونَ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، فمهما بَلَغُوا من الغِنَى والقُوَّة فإنَّهم مُفْتَقِرونَ إلى الله؛ لِقَوْله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ} وهذا لفظٌ عامٌّ لا يَخْرُج منه شَيْءٌ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيَانُ شِدَّةِ حاجَةِ النَّاس إلى الله؛ لِقَوْله تعالى:{أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} حيث قال: {الْفُقَرَاءُ} بالأَلِفِ واللام، ولو قال:(فقراء) لكان أَهْوَنَ، لكن {الْفُقَرَاءُ} معناها أنَّنا في جميعِ أَحْوالِنا كُلِّها مُفْتَقِرونَ إلى رَبِّنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.