للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُبالَغَةٍ من (خابِر) لكانت مُوهِمَةً لتَجَدُّد الخِبْرَة والعِلْم، وهذا شَيْء مُسْتَحيلٌ في جانِبِ الله عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَوْله تعالى: {بَصِيرٌ} كَلِمَةُ {بَصِيرٌ} قد يراد بها العِلْم، وقد يراد بها الإدْراكُ بالرُّؤيَةِ، وكلا الأَمْرَيْنِ لا يناقِضُ بَعْضُهما بعضًا وقد تقدَّم في قواعد التَّفْسيرِ أنَّ الآيَة إذا احتملت مَعْنَيينِ لا يَتَناقَضانِ فإنَّها تُحمَل عليهما؛ لأنَّ ذلك أَوْسَعُ في معناها وأبلغ، فالله عَزَّ وَجَلَّ بصيرٌ بعبادِهِ من حيث النَّظَرُ والرُّؤْيَة، ومن حيث العِلْم؛ في جانب المَعْمولاتِ المَفْعولاتِ الظَّاهِرةِ تكون الرُّؤْيَة والعِلْم أيضًا، وفي جانِبِ المَسْموعاتِ يكون العِلْمُ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: إِثْباتُ أنَّ القُرْآنَ كَلَام الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لِقَوْله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} والوَحْيُ إِعْلامُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحَدَ أَنْبِيائِه بشريعةٍ من شرائِعِه، وهذا هو مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّة والجماعَةِ: أنَّ القُرْآن كَلَام الله تعالى تَكَلَّمَ به حَقيقَة بِحُروفِهِ وبِصَوْتٍ مَسْموعٍ، لَكِنَّه لا يُشْبِهُ أَصْواتَ المَخْلوقينَ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: فَضيلَة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بما أوحى اللهُ إليه من هذا القُرْآنِ العظيمِ؛ لِقَوْله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: اشتمال القُرْآنِ الكريم على الحَقِّ في أَخْباره وفي أَحْكَامِهِ؛ فأَخْباره كُلُّها صِدْقٌ وأَحْكَامه كُلُّها عَدْلٌ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ ما خالَفَ القُرْآنَ فهو باطِلٌ؛ لِقَوْله تعالى: {هُوَ الْحَقُّ} فحصر الحَقَّ فيه، والحَصْرُ إثباتُ الحُكْمِ في المذكورِ ونَفْيُه عمَّا سواه، فكلُّ ما خالف القُرْآنَ فهو باطِلٌ بلا شَكٍّ.

<<  <   >  >>