للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذه الآيَة يُبَيِّنُ الله أنَّ هذه الأَصْنَامَ لا تَمْلِكُ نَفْعًا لعابديها، هذا واحد.

ثانيًا: وتزيد عابديها ذُلًّا وخِذْلانًا في المَوْضِع الذي يكونون فيه أَحْوَجَ ما يكونون إلى العِزِّ والنَّصْر {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ}.

قَوْله تعالى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}: {وَلَا يُنَبِّئُكَ} أي: يُخْبِرُك. قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَلَا يُنَبِّئُكَ} بأَحْوالِ الدَّارَيْنِ {مِثْلُ خَبِيرٍ} عالِمٍ، وهو الله تعالى]. {وَلَا يُنَبِّئُكَ} هذه جُمْلَة خَبَرِيَّة مَنْفِيَّة؛ يعني لا يُنَبِّئُكَ أَحَدٌ بأَخْبارِ هؤلاء سواءٌ في الدُّنْيا أو في الآخِرَة.

وَقَوْل المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [بأَحْوالِ الدَّارَيْنِ] هذا واضح، فهو فَسَّرَها على ما هي عليه؛ يعني: لا يُنَبِّئُكَ بأَحْوالِ الدُّنْيا والآخِرَةِ وما يكون لهؤلاء العابدينَ من هذه الأَصْنَامِ لا يُنَبِّئُكَ أَحَدٌ مِثْل من هو خَبيرٌ بالأَحْوالِ، وسُئِلْنَا من الخَبِيرُ بالأَحْوالِ؟

الجواب: الخَبيرُ الله، وهذه الجُمْلَةُ سارَتْ مَسْرَى المَثَل عند العَرَبِ، إذا أرادوا أن يُؤَكِّدوا الشَّيْءَ قالوا: (لا يُنَبِّئُكَ مثل خبير)، أو أحيانًا يقولون: (على الخَبيرِ سَقَطْتَ) يعني: وَصَلْتَ إلى العِلْم اليَقينِيِّ الذي يَصْدُر عن خِبْرَة، إذا كانوا لا يُنَبِّئونَ مِثْل خبير وهو الله وقد أنْبَأَنَا بِحالِ هذه الأَصْنَامِ مع عابديها فهل يليقُ بنا عبادتها ونحن عقلاء؟ !

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

الْفَائِدَة الأُولَى: بَيانُ قُدْرَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ في إيلاجِ اللَّيْلِ في النَّهَار والعَكْس، وذلك لأنَّ أَحَدًا من الخَلْق لا يَسْتَطِيعُ أن يَفْعَلَ ذلك مهما عَظُمَت قُوَّتُه.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: بَيَانُ رَحْمَتِه بعِبادِهِ؛ لأنَّ في هذا الإيلاجِ مِنَ المصَالِحِ والمَنافِعِ ما

<<  <   >  >>