للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} ما أجابوكم] يعني: لو سَمِعَتْ هذه الأَصْنَامُ دُعَاءكم ما استجابَتْ لكم؛ أي: ما أجابَتْكم سواءٌ إن قلتم: يا لات يا عُزَّى، يا مَنَاة، يا يَعُوق، يا يَغُوث، يا نَسْر، لو سَمِعَتْ هذا الدُّعَاءَ هل تُجيبُكم وتقول: نعم، ماذا تريدون؟

الجواب: لا، ولا تُعْطيكم المَطْلوبَ أيضًا، حتى لو سَكَتَت ما أَوْصَلَت المطلوبَ إليكم؛ ولهذا قال: {مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} لِيَشْمَلَ الإسْتِجابَةَ بالقَوْلِ بأن تقولَ هذه الأَصْنَامُ: ماذا تريدون؟ والإسْتِجابَة بالفِعْل وهي إيصالُ المَطْلوبِ إلى هؤلاء الطَّالبينَ، فهي لا تَسْتجيبُ لا لهذا ولا لهذا.

قول المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [{اسْتَجَابُوا لَكُمْ} أي: أجابوكم] مثلُ قَوْلِه تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ} [آل عمران: ١٩٥]؛ أي: أجابَهُم وكقَوْله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [البقرة: ١٨٦] أي: فَلْيُجيبُوني، وأمثال هذا كثيرٌ؛ فالإستجابة هنا بمَعْنى الإِجابَة؛ أي: إِنَّ هذه الأَصْنَامَ لا تُجيبهم.

وزِدْ على ذلك أنَّهم - كما قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} بإشْراكِكُم إيَّاهم مع الله؛ أي: يَتَبَرَّؤونَ مِنكم ومن عبادتكم إياهم] إِذَن انتفى عنها إجابَةُ الدُّعَاءِ، ومع ذلك لَيْتَهُم سَلِمُوا من شَرِّهِم، يَوْمَ القِيامَة في هذا المَوْقِف العظيم المَشْهور يَكْفُرون بِشِرْكِكُم ويَتَبَرَّؤون منكم، وهذا غايَةُ ما يكون من الخِذْلان؛ لأنَّ النَّاسَ في يوم القِيامَة يكونون فيه أَحْوَجَ ما يكونون إلى النَّصْرِ والعِزَّةِ، وهؤلاء الأَصْنَامُ يَوْمَ القِيامَة تُذِلُّهُم كما قال الله تعالى - وهذا يقَوْله إبراهيم -: {وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ} [العنكبوت: ٢٥].

<<  <   >  >>