للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْله تعالى: {تَدْعُونَ} دُعَاءَ المَسْأَلَة، ودُعاءَ العِبَادَة، وقلْتُ: إنَّ دُعاءَ العِبَادَة دُعاءُ مَسْأَلَة لكن بِلِسانِ الحالِ.

كيف يَدْعون هؤلاء؟ أقول: يَدْعون هذه الأَصْنَام على وَجْهَيْنِ:

إمَّا بدُعاءِ مَسْأَلَة، وإمَّا بدُعاءِ عِبَادَة، ودُعَاءُ العِبَادَة دُعَاءٌ بلسانِ الحالِ.

قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{مِنْ دُونِهِ} أي: غَيْره، وهم الأَصْنام] الأَصْنام تارةً يُعَبِّر الله عنها بِصيغَةِ المُؤَنَّث، وتارة يُعَبِّر عنها بِصيغَةِ المُذَكَّر، هنا عَبَّر عنها بصيغة المُذَكَّرِ العاقِلِ {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ} هذا للمُذَكَّرِ العاقِلِ، وإنَّما وَصَفَ هذه مع أنَّها جمادٌ مَيِّتَةٌ للتَّنَزُّل مع هؤلاء العابدينَ لها وذِكْرها على أكْمَلِ حالٍ يَعْتَقدونَها فيها؛ يعني: هي مع كمالهِا على زَعْمِكُم لِكَوْنِها من ذوات العَقْلِ لا تَمْلِك شيئًا.

قَوْله تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ}: {مِنْ} زائِدَة؛ ولهذا نقول: {قِطْمِيرٍ} مفعولٌ به منصوبٌ بِفَتْحَة مُقَدَّرَة على آخره منع من ظهورها اشتغالُ المَحَلِّ بِحَرَكَة حرف الجَرِّ الزَّائِد؛ أي: ما يَمْلِكونَ قِطْميرًا.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [{قِطْمِيرٍ}: لِفافَةَ النَّواة] إنَّ في النواة ثلاثَةَ أَشْياءَ يُضْرَبُ بها المَثَلُ في الحَقَارة: قِطْمير، ونَقِير، وفَتِيل.

ويَدُلُّ على هذا أنَّهم لا يَمْلِكون شيئًا قَوْلُه تعالى: {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ}: {إِنْ} هذه شَرْطِيَّةٌ، وفعل الشَّرْطِ {تَدْعُوهُمْ} وهو مَجْزومٌ بِحَذْف النون، وجوابُ الشَّرْط {لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} وهو مجزوم أيضًا بحَذْفِ النون؛ يعني: هذه الأَصْنَامُ إن تَدْعوهُم لا يَسْمَعوا دُعَاءَكُم، لو تَدْعُونَ هذه الأَصْنَامَ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ما سمعوا؛ لأنَّها جَمادٌ، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ سَمِعُوا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [فَرْضًا

<<  <   >  >>