للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقَوْلُ بأن (الدِّين لله والوَطَن للخَلْقِ) هذا خَطَأٌ فادِحٌ، بل يقال: (الدِّينُ لله والبلادُ لله)؛ كما قال تعالى: {إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [الأعراف: ١٢٨] وليست لك، الأَرْضُ لله، والشَّعْب لله، والدِّينُ لله، وكلُّ شَيْء فهو لله، وإذا كان لله فالواجِبُ علينا أن نَسيرَ على هَدْيِ الله.

قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} الواو إمَّا اسْتِئْنافِيَّة وإمَّا عاطِفَة من بابِ عَطْفِ الجُمَل بَعْضِها على بَعْضٍ {وَالَّذِينَ} مُبْتَدَأٌ، وجُمْلَة {مَا يَمْلِكُونَ} خَبَرُها.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ} تعبدون {مِنْ دُونِهِ} أي غَيْره وهم الأَصْنَامُ].

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [تَعْبدون] لأنَّ الدُّعاءَ عبادَةٌ، والعابِدُ لله عَزَّ وَجَلَّ قد تتضَمَّن عبادَتُه الدُّعاءَ كالصَّلاة مثلًا؛ فيها فىُ دُعَاءٌ وهو عبادَةٌ، وقد تكون دُعَاءً بلسانِ الحالِ؛ لأنَّ العابِدَ يريد الفَوْزَ بالجَنَّةِ والنَّجاةَ من النَّار، فهو وإن لم يَقُل: الفَوْز بالجَنَّة والنَّجاة من النَّار فهو لا يُريد إلا ذلك؛ إذن فهذا بلسانِ الحالِ.

ولهذا نقول: إنَّ الدُّعاء عِبَادَةٌ؛ قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} [غافر: ٦٠] بعد قَوْله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: ٦٠] فدلَّ هذا على أنَّ الدُّعَاء عِبَادَة، وهنا يقول: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [يَعْبدون] إمَّا عِبَادَة بالفِعْل؛ كالرُّكوعِ للصَّنَم، والسُّجُود للصَّنْم، والذَّبْح له، والنَّذْر له، وما أشبه ذلك، أو يدعونه دُعَاءَ مَسْأَلَة لا دُعَاءَ عِبَادَة، فيَأْتونَ إلى الصَّنَم وإلى القَبْر، ويسألونه حاجاتِهِم، ويَسْتَغيثونَ به، فشَمِلَ

<<  <   >  >>