للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَفْظِيَّةٍ وهي مراعاةُ الفواصِلِ.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [تُرْجَعُ الأُمُورُ في الآخِرَة فيُجازِي المُكَذِّبين ويَنْصُرُ المُرْسَلينَ] وهذا أيضًا من القُصُور؛ لأنَّ الأُمُورَ تُرْجَعُ إليه في الآخِرَة وفي الدُّنْيا أيضًا، فإنَّ الله يَنْصُرُ المُرْسَلين في الدُّنْيا ويُعاقِبُ المُكَذِّبين؛ كما قال تعالى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١].

إِذَن: قَوْله تعالى: {تُرْجَعُ الْأُمُورُ} هذا عامٌّ في أُمُور الدُّنْيا والآخِرَة، وأُمُورِ الشَّرْع وأُمُورِ القَدَر، فكلُّ الأُمُورِ تُرجَع إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، هو الأوَّلُ والآخِرُ، منه المُبْتَدَى وإليه المُنْتَهَى، قال الله تعالى: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} [الأعراف: ٥٤]، قال ابْنُ عمر - رضي الله عنهما -: "مَنْ كَانَ لَهُ شَيءٌ فَلْيَأْتِ بِهِ؛ لأَنَّ اللهَ يَقُولُ: {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ} " وماذا يبقى؟ إذا كان الخلق - وهو الإيجاد - لله، والأمر في التَّصَرُّف والتَّصَرُّف لله ماذا بقي لنا؟ ما بَقِيَ شَيْءٌ.

ولهذا لم يبقَ شَيْءٌ في الدُّنْيا والآخِرَة لأَحَدٍ أبدًا، فالأُمُورُ كُلُّها لله.

والأُمُورُ هنا جَمْعُ (أَمْر) بمَعْنى الشَّأْن؛ أي: شُؤُونُ الدُّنْيا والآخِرَة والشُّؤون القَدَرِيَّة والشَّرْعِيَّة؛ كلُّها تُرْجَع إلى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، إذا كانت تُرْجَع إلى الله وقد كُذِّبَت الرُّسُلُ، فما مصيرُ الرُّسُلِ والمُكَذِّبينَ؟

الجواب: مصيرُ الرُّسُلِ النَّصْرُ في الدُّنْيا والآخِرَة، ومَصيرُ المُكَذِّبينَ الخِذْلانُ والخِزْيُ والعارُ في الدُّنْيا وفي الآخِرَة.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ تَكْذيبَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ليس ببِدْعٍ؛ فالرُّسُلُ قد كُذِّبَتْ من قبله، وهذا واضِحٌ من اللَّفْظ.

<<  <   >  >>