للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُؤَخَّرًا، والتَّقْدير: (النُّشُورُ كائنٌ كذلك)، و {النُّشُورُ} هو نَشْرُ الأَمْواتِ على وَجْهِ الأَرْضِ وإِحْياؤُهُم بعد أن كانوا أمواتًا.

والتَّشْبيهُ هنا هل هو تشبيهٌ للسَّبَبِ والنَّتيجَةِ أو للنَّتيجَةِ فقط؛ أي: هل المَعْنى أنَّ النُّشُور الذي يكون للأَمْواتِ يكون بِواسِطَةِ ماءٍ يُنْزِلُه الله عَزَّ وَجَلَّ فَتَنْبُتُ هذه الأَجْسامُ ثم تَحْيا، أو أنَّ التَّشْبيهَ للنَّتِيجَةِ فقط؛ أي إِنَّ إحياءَ الموتى كإحياءِ الأَرْضِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عن السَّبَب؟

الجوابُ: الأوَّلُ؛ لأنَّه وَرَدَ عن النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أنَّ الله تعالى يُرْسِلُ على الأَرْض مِن تَحْتِ العَرْشِ مطرًا غَليظًا حتى يَصِلَ إلى الأَجْسامِ فتَنْبُتُ في القُبُورِ كما تَنْبُتُ الحَبَّةُ في الأَرْضِ، وإذا تكامَلَتِ الأَجْسامُ نُفِخَ في الصُّورِ، فخَرَجَتِ الأَرْواحُ إلى أَجْسامِها (١)، وعلى هذا فيكون التَّشْبيهُ هنا عائدًا إلى السَّبَب والنَّتيجَة أيضًا، هذا هو المشهور عند أَهْلِ العِلْمِ رَحِمَهُم اللهُ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: بيانُ قُدْرَة الله عَزَّ وَجَلَّ في إِرْسالِ هذه الرِّياحِ اللَّطيفَةِ التي تَحْمِل أو تُثيرُ هذا السَّحابَ الثَّقيلَ، قال الله تعالى: {وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ} [الرعد: ١٢].

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الإثباتَ بالأَسْبابِ وأنَّ المسبَّباتِ مربوطةٌ بأَسْبابِها لِقَوْله تعالى: {أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ} فإنَّ الفاء هنا للسَّبَبِيَّة.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّه يَنْبَغي في الأُمُور الهامَّة أن يُصاغَ الماضي بِصيغَةِ الحاضِرِ


(١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا}، رقم (٤٩٣٥)، ومسلم: كتاب الفتن، باب ما بين النفختين، رقم (٢٩٥٥)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>