للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [لا نبات بها] وهذا هو مَوْتُ البَلَدِ، والمُرَاد بالبَلَدِ هنا ليس المَسْكونَ من الأَرْضِ، بل ما هو أَعَمُّ، فيَشْمَلُ المَسْكونَ وغيْرَ المَسْكونِ، وتَخْصيصُ البَلَدِ بالمسكونِ تَخْصيصٌ عُرْفِيٌّ، وإلا فإنَّ كُلَّ الأَرْض بلد لانْبِلادها وتَسَطُّحها؛ ولهذا يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ} أحيينا به، سُقْناه فأَحْيَيناه، هنا الأفعال والضَّمائِرُ على نسقٍ واحد.

قَوْله: [{فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ} من البلد]: [من البلد]؛ يعني: أَرْضَ البَلَد هذه التي كانت مَيِّتَةً أحياها الله عَزَّ وَجَلَّ؛ أحياها بالنبات؛ ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{بَعْدَ مَوْتِهَا} يُبْسِها؛ أي: أَنْبَتْنا به الزَّرْعَ والكَلَأ] وهذا أمرٌ مُشاهَدٌ، تأتي الأَرْض يابِسَةً هامِدةً عيدان تَتَكَسَّر فيُنْزِلُ الله المَطَر عليها، ثم تَهْتَزُّ خَضْراءَ فيها من كلِّ زوجٍ بَهيجٍ، فمن الذي أحياها؟

الله عَزَّ وَجَلَّ، لا يَسْتَطِيعُ الخَلْقُ أن يُحْيُوها أبدًا مهما كان، حتى الكَلَأ الذي يُنْبَتُ بالمَطَرِ لا يُنْبِتُه الماء الجاري كما هو مُشاهَدٌ؛ يعني: لو تَسْقي هذه الأَرْضَ مهما سَقَيْتَها بالماءِ الجاري فإنَّ الكَلَأَ الذي يَنْبُت من المَطَر لا يُنْبَت بهذا الماء.

إذن: فالله عَزَّ وَجَلَّ هو الذي أحيا هذه الأَرْضَ بعد مَوْتِها؛ أي: بعد أن كانتْ يابِسَةً هامِدَةً ليس بها نباتٌ، أحياها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بقُدْرَته.

قَوْله: [{كَذَلِكَ النُّشُورُ} أي: البَعْثُ والإِحياءُ]

{كَذَلِكَ} الكافُ هنا اسْم بمَعْنى: (مثل)، وهي خبرٌ مُقَدَّمٌ و {النُّشُورُ} مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ؛ أي: النُّشُورُ مثل ذلك، ويجوز أن تقول: {كَذَلِكَ} الكافُ حرفُ جَرٍّ، ليست اسمًا بمَعْنى: (مثل) وتجعلها جارًّا ومَجْرورًا خبرًا مقدَّمًا، و {النُّشُورُ}: مُبْتَدَأً

<<  <   >  >>