للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بلَفْظِ الماضي، لكنْ فيه عدولٌ عن الغَيْبَةِ في قَوْله تعالى: {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ} إلى التَّكَلُّم في قَوْله تعالى: {فَسُقْنَاهُ} لماذا؟

الجواب: سبق أنَّ الإلتفاتَ له فائِدَةٌ دائِمَةٌ وهي التَّنْبيهُ؛ لأنَّ سياق الكَلَامِ على نَسَقٍ واحِدٍ يقتضي أنَّ الذِّهْنَ يَنْساقُ معه ولا يَتَوَقَّف، لكن إذا اختلف السِّيَاق يَقِفُ الذِّهْنُ، ويَنْظُر ما الذي حدث؟ وحينئذٍ يكون في تغييره تنبيهٌ للمُخاطَب؛ فهذا واحِدٌ.

لكن هنا أيضًا فيه فائِدَةٌ ثانِيَةٌ: وهي بيانُ قُدْرَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِقَوْله تعالى: {فَسُقْنَاهُ} أي: نحن، فأضافَهُ إلى نَفْسِه؛ لأنَّه أدَلُّ على القُدْرَة، فإذا اجتمع {وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ} ثم الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ساق هذا السَّحابَ الذي أَثارَتْه الرِّيحُ فهو أدَلُّ على القُدْرَة مِمَّا لو جاء على نَسَقٍ واحِدٍ.

قول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ} بالتَّشْديدِ والتَّخْفيفِ: لا نبات بها].

كَلِمَةُ {مَيِّتٍ} فيها قراءتان، {مَيِّتٍ} و (مَيْتٍ) وقد قيل: إن (المَيْتَ) لمِنْ مات بالفِعْل، والمَيِّت لمن سَيموتُ، وجعلوا على ذلك شاهدًا في قَوْلِه تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠]؛ أي: ستموت، وَقَوْله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} [الأنعام: ١٢٢] فـ {مَيْتًا} هنا لمن قد مات، هكذا فرَّقَ بعضهم.

والظَّاهِر أنَّ اللُّغَة العَرَبِيَّة تأتي بالوَجْهَيْنِ على المَعْنَيَيْنِ، ومنه هذه الآيَةُ، فـ {مَيِّتٍ} هنا هل معناها: سيموتُ، أو المَعْنى: قد مات بالفِعْل؟

الجواب: قد مات، ومع هذا جاءت بالتَّشْديدِ.

<<  <   >  >>