للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٢)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [فاطر: ٢].

* * *

{مَّا} شَرْطِيَّةٌ تَجْزِمُ بدليلِ الفِعْلِ بعدها، ولكنَّ الفِعْلَ بعدها أمامنا مكسورٌ {يَفْتَحِ} فنقول: إنَّ هذه الكَسْرَة عارِضَةٌ من أجل تَوَقِّي الْتِقاءِ السَّاكِنَيْنِ، وإلا فإنَّها مَجْزومةٌ، وهذا كقَوْله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} البَيِّنَة: ١] وأَصْلُها: (لم يَكونْ).

قَوْله تعالى: {يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ} فَتْحُ الشَّيْءِ: إزالَةُ الحَواجِزِ دونه؛ يعني: متى فتحْتَ البَيْتَ؛ يعني: أزَلْتَ الحاجِزَ المانِعَ مِن دُخُولِهِ وهو البابُ، والرَّحْمَة إذا فُتِحَتْ فإنَّ الإِنْسَانَ يَدْخُل إليها ويَلِجُ فيها.

وَقَوْله تعالى: {مِنْ رَحْمَةٍ}: {مِن} بيانٌ لـ {مَّا}، و {مَّا} شَرْطِيَّةٌ مُفيدَةٌ للْعُمومِ، وعلى هذا فيكونُ في الآيَةِ عُمومٌ؛ أي: أيُّ رَحْمةٍ يَفْتَحْها الله عَزَّ وَجَلَّ للنَّاسِ فلا أَحَدَ يَسْتَطيعُ إِمْساكَهَا.

وَقَوْله تعالى: {مِنْ رَحْمَةٍ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: [كَرِزْقٍ ومَطَرٍ]، وهذا على سبيلِ التَّمْثيلِ لا الحَصْر؛ لأنَّ رَحْمَة الله أكْثَرُ من ذلك، قال الله تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣]، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل: ١٨] فرَحْمَة الله عَزَّ وَجَلَّ لا تُحْصَى في أَنْواعِها فضلًا عن أَفْرادِها.

<<  <   >  >>