ثم قال رَحِمَهُ اللهُ: [{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ} تَعْبدونَ {مِنْ دُونِ اللَّهِ} أي: غَيْره، وهم الأَصْنَامُ الذين زَعَمْتُم أنَّهُم شُرَكاءُ لله].
قَوْله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ} يعني أخْبرونِي و {شُرَكَاءَكُمُ} مَفْعولٌ أَوَّلُ، يعني (أَرَأَيْتَ) تَنْصِبُ ثلاثَةَ مفاعيلَ، مفعولٌ أَوَّلُ صريحٌ مَنْطوقٌ به والمَفْعولُ الثَّاني والثَّالِثُ مُعَلَّقٌ بهَمْزَة الإسْتِفْهام، فهنا {أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ} لكنْ هنا قال: {أَرُونِي} من باب التَّحَدِّي؛ أَخْبِروني عن شُرَكائِكُم، وَقَوْله تعالى:{شُرَكَاءَكُمُ} يعني الذين جَعَلْتُموهُم شُرَكاءَ, فالإضافَةُ هنا باعتبارِ جَعْلِهِم؛ أي: جَعْلِ العابدين لها شريكةً مع الله.
وَقَوْله تعالى:{الَّذِينَ تَدْعُونَ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [تَعْبدونَ] فحَوَّلَ الدُّعَاءَ إلى مَعْنى العِبَادَة، ولا شَكَّ أنَّ الدُّعَاءَ يأتي بمَعْنى العِبَادَة؛ كقَوْله تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}[غافر: ٦٠] ولم يَقُلْ عن دعائي، فهذا دليلٌ على أنَّ الدُّعَاء بمَعْنى العِبَادَة.