الـ {غَفُورٌ} صيغة مبالَغَة أو صفةٌ مُشَبَّهَة، مَأْخوذة من الغَفْرِ، وهو السِّتْر مع الوقاية؛ لأنَّ أَصْلَ هذه المادة المِغْفَر، والمِغْفَر يَحْصُلُ به السِّتْر والوقاية، إِذَن ما مَعْنى أنَّ الله غفور؟
معناه: أنَّ الله يَسْتُرُ الذُّنوبَ ويتجاوَزُ عن العُقُوبَة، وما أكْثَرَ ما نُذْنِبُ فيما بيننا وبين رَبِنا ومع ذلك يَسْتُرُها الله عَزَّ وَجلَّ، وإذا كان يومُ القِيامَة عفا عن عُقُوبَتها، وبذلك تتحَقَّق المَغْفِرَة.
أما الـ {شَكُورٌ} فنقول في تَصْريفِه كما قلنا في غفور: إنَّه إمَّا صيغةُ مُبالَغَة، وإمَّا صفةٌ مُشَبَّهَة، فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شكورٌ؛ أي: يشكر من عَمِلَ العَمَل الصَّالِح، ومِنْ شُكْرِه إياه أنَّه يُضاعِفَ له الأَجْرَ؛ فالحَسَنَة بِعَشْرِ أمثالهِا إلى سَبْع مِئَة ضِعْفٍ إلى أضعافٍ كثيرة، وانظر إلى كمال الله عَزَّ وَجَلَّ عليك في صِفَتِه أنَّه هو الذي يَمُنُّ عليك بالعَمَل، ثم يَشْكُرُك عليه {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن: ٦٠] سبحان الله العظيم! ربُّنا يُحْسِنُ إلينا ثم يقول: (ما جزاء إِحْسانِكُم إلا أنْ أُحْسِنَ إليكم) وهو الذي تَفَضَّلَ به أوَّلًا، وهذا يدلُّ على سَعَةِ كَرَمِ الله، والحَمْدُ لله، وأنَّه عَزَّ وَجلَّ واسِعُ الكرم.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ طلب الإِنْسَان للثَّوابِ غايةٌ عَظيمَة؛ لأنَّ اللَّام - كما أشرنا إليه آنفًا - للتَّعْليل، هذا إذا قلنا: إنَّها للتَّعْليل، وهي صَالحِة للتَّعْليل، فكون الإِنْسَانِ يَعْمَل من أجل الأَجْر فإن هذا لا يُعدُّ نقصًا، خلافًا للصُوفِيَّة الذين يقولون:(لا تَعْبُدِ اللهَ لثواب الله، ولكن اعْبُدِ الله لله) فنقول لهم: هذا خطأ، فالله تعالى وَصَفَ أَشْرَفَ هذه الأُمَّة وخَيْرَ هذه الأُمَّة بأنَّهم يريدون فضلًا من الله ورِضْوانًا، قال الله تعالى: