إذن نقول: إنَّ ذِكْرَه أَساسِيٌّ، وليس من باب التَّصْريحِ بِنَفْيِهِ الذي لا يُقْصَدُ منه إلا مُجَرَّدُ التَّوْكيدِ.
المُهِمُّ: أنَّ أَهْل الجَنَّةِ لِكَمالِ نَعيمِهِم لا يَمَسُّهم فيها نَصَبٌ ولا يَمَسُّهم فيها لُغوبٌ.
[من فوائد الآية الكريمة]
الْفَائِدَة الأُولَى: فَضيلَة أَهْلِ الجَنَّةِ بإضافتهم النَّعِيمَ إلى المُنْعِمِ به؛ لِقَوْله تعالى:{الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} فنَسَبُوا الأَمْر إلى الله وإلى فَضْلِه: {الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ} وهذا غايَةُ الثَّناءِ والحَمْد.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ دار الجَنَّة دارُ إقامَةٍ، فكُلُّ إِنْسَانٍ لا يتمَنَّى أن يزول عن مكانه منها حتى مَن كانوا في الدَّرَجاتِ غَيْرِ العالِيَةِ يرون أنَّهُم في أَكْمَلِ النَّعِيم؛ لِقَوْله تعالى:{دَارَ الْمُقَامَةِ}.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَأْبيدُ الجَنَّةِ؛ لِإِطْلاقِ قَوْله تعالى:{الْمُقَامَةِ} ولم تُقَيَّدْ بِزَمَنٍ.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّ بُلُوغَهُم إلى هذه الدَّارِ ليس بِحَوْلهِم وقُوَّتِهِم، ولكنْ بِفَضْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لِقَوْله تعالى:{مِنْ فَضْلِهِ}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إِثْباتُ الأَسْبَابِ؛ لأنَّ {مِنْ} هنا سَبَبِيَّةٌ؛ أي: بفضل الله، ففيها رَدٌّ على من ينكرون الأَسْبَابَ، ويقولون: إنَّ الأَسْبَابَ لا تَأْثيرَ لها وإنَّما يَحْصُل الشَّيْءُ عِنْدها لا بِها.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الإِنْسَانَ لا يَدْخُلُ الجَنَّة بِعَمَلِهِ؛ لِقَوْله تعالى:{مِنْ فَضْلِهِ} ولكِنْ قد يُشْكِلُ على هذا قَوْلُهُ تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[النحل: ٣٢]،