للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [فاطر: ١].

* * *

اعلم أنَّ الحَمْد هو وَصْفُ المَحْمودِ بالكَمال مع المَحَبَّةِ والتَّعْظيمِ، وقد حَمِدَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَفْسَه في أوَّلِ الأُمُور وآخِرِها.

ففي أوَّلِ الأُمورِ الكَوْنِيَّة قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١].

وفي أوَّلِ الأُمورِ الشَّرْعِيَّةِ قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا} [الكهف: ١].

كما حَمِدَ نَفْسَه على مُنْتَهى الأُمُور أيضًا، قال الله تعالى في آخِرِ سورة الزُّمَر: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر: ٧٥].

فحَمِدَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَفْسَه في أوَّلِ الأَمْرِ وفي مُنْتَهى الأمر؛ لأنَّ الله تعالى له الأَمْرُ أوَّلًا وآخِرًا، وكُلُّ أَمْرِه فإنَّه مَحْمودٌ عليه؛ لأَنَّه مَبْنِيٌّ على الحِكْمَة والرَّحْمَة.

وهنا يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} الحَمْد: مُبْتَدَأ، لله: خَبَرُه، واللَّام هنا للإسْتِحْقاق والإخْتِصاص؛ لِلْمَعْنيَيَنِ جميعًا، أمَّا كَوْنُها للإسْتِحْقاقِ؛ فلأنَّه لا أحَدَ أَحَقُّ بالحَمْدِ من الله عَزَّ وَجَلَّ؛ فإنَّه مَحْمودٌ على كلِّ حالٍ؛ لأنَّ كلَّ ما يَفْعَلُه وكُلَّ ما يُشَرِّعُه فإنَّه مَحْمودٌ

<<  <   >  >>