للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:

أَجَلُهُم عاقَبَهُمُ اللهُ)؛ لأنَّ مِن هؤلاء مَن قد يَعْفو الله عنهم فلا يُعاقِبُهُم، ولَكِنَّه ذكَر أنَّه بصيرٌ بأعمالهِم يُجازيهِم عَليها، وإن شاء ألَّا يعاقِبَهُم فعَل فِيمَن يَسْتَحِقُّ العَفْوَ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: سَعَةُ حِلْمِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَجْهُهُ: أنَّه لو يُؤَاخِذُهُم بما كسبوا ما ترك عليها من دابَّةٍ، ولكن يَحْلُم عَّزَّ وَجَلَّ ويُمْهِلُ؛ لَعَلَّ النَّاسَ يتوبونَ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: تمامُ قُدْرَةِ الله تعالى؛ حيثُ يَقْدِرُ على إهلاك العالَمِ بِلَحْظَةٍ؛ لِقَوْلِه تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: بَيانُ شُؤْمِ المعاصي وأنَّها قد تَعُمُّ العاصِيَ وغيْرَه، بل المُكَلَّف وغَيْر المُكَلَّف، وإلا فهذه الدَّوابُّ التي هي أكْثَرُ بكثير من البَشَرِ ومن الجِنِّ ما ذَنْبُها وهي غَيْرُ مُكَلَّفَة؟ لكن هذا مِنْ شُؤْمِ المعاصي وأنَّها تَشْمَلُ حتى من ليس بِمُكَلَّفٍ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: الرَّدُّ على الجَبْرِيَّة؛ لِقَوْله تعالى: {بِمَا كَسَبُوا} فأَثْبَتَ لِلْعَبْدِ كسبًا، والجَبْرِيَّةُ يقولون إنَّ الإِنْسَانَ مُجْبَرٌ على العَمَلِ لا يَسْتَطِيعُ أن يَكْتَسِبَ، بل يُجْبَرُ على أن يَعْمَلَ خَيْرًا أو شَرًّا.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إِثْباتُ حِكْمَةِ الله عَزَّ وَجَلَّ في مجُازاةِ العاملينَ بِعَمَلِهِم؛ لِقَوْله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} ولكن لحِلْمِه يُؤَخِّرُهم إلى أجلٍ مُسَمًّى.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّه مهما حَلَّ بالبَشَرِ من عُقُوبَةٍ مُدَمِّرَةٍ أو مُنَغِّصَةٍ، فإنَّما ذلك بما كَسَبَتْ أَيدِيهِمْ.

* * *

<<  <