للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السَّيِّئَةَ: ساحِرٌ وكَذَّاب.

فالعامَّة إذا قيل لهم - ولا سيما إذا كان القائل زُعَماء -: هذا ساحِرٌ أو كذَّاب؛ لا يتَّبِعونه، وإذا قيل لهم - أي للعامَّة - إنكم إذا عَبَدْتُم الوَلِيَّ الفُلانِيَّ أو القبر الفلاني فإنَّ ذلك يَنْفَعُكم فإنَّ العامَّة تَنْخَدِعُ؛ لأنَّه ليس عندها علمٌ، وليس عندها عَقْل ولُبٌّ، فتَنْخَدِع.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: قُوَّةُ القُرْآنِ في أُسْلوبِ المُناظَرَة، وذلك بالتَّرديدِ والتَّقْسيمِ، وَجْهُه أنَّ الله تَحَدَّاهم بثلاثةِ أُمُور: هل خلقوا شيئًا من الأَرْض؟ هل شاركوا الله في السَّماء؟ هل عندهم كِتَابٌ من الله أنَّ هذه الأَصْنَام تَنْفَعُهم وإن لم تكن شريكةً لله في السَّمَواتِ ولم تخلق شيئًا من الأَرْضِ؟

والجواب: لا، ولو خلقت شيئًا من الأَرْض لكان لها الحَقُّ لأنَّها تَخْلُق، ولو شارَكَتِ الله في مُلْكِه في السَّماء لكان لها الحَقُّ لأنَّها شريكَةٌ لله عَزَّ وَجَلَّ في مُلْكِه، ولو كان الله أنزل كِتَابًا يقول بأنَّ هذه الأَصْنَامَ لها الحَقُّ أن تُعْبَد وتُدْعَى من دون الله لكان لهم شُبْهَة أو حُجَّة، فلمَّا انْتَفَتِ الأُمُورُ الثَّلاثَةُ تَبَيَّنَ أنَّه لا حُجَّة لهم.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّه يَنْبَغي في المُناظَرَة أن تَذْكُرَ جميعَ الأقسام التي يُمْكِنُ أن تَرِدَ في الذِّهْن ثم تُبْطِلَ؛ احترازًا مِمَّا لو ذَكَرْتَ شيئًا واحدًا ثم بَيَّنْتَ بُطْلانه فقد يُورَدُ عليك شَيْءٌ آخَرُ؛ لأنَّه كما أنَّ القَوْل الحَقَّ لا يَنْحَصِرُ إثباتُهُ بدليلٍ واحد، فكذلك الباطِلُ لا يَنْحَصِرُ إيراد الشُّبَه فيه في شُبْهَة واحِدَة، فإذا أَرَدْتَ أن تُفْحِمَ خَصْمَك لا تأتِ بِشُبْهَةٍ واحِدَة، ائتِ بجميع ما يُمْكِن ويُحْتَمَلُ أن يكون شُبْهَةً لِتُبْطِلَه حتى يكون عندك القُوَّةُ الكامِلَةُ التي لا يُمْكِن أن يُورِدَ عليك أَحَدٌ منها خللًا.

<<  <   >  >>