للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نقول: إنَّه كافِرٌ مُرْتَدٌّ عن الإِسْلامِ.

ولا يجوز إقرارُهُ على هذا الشَّيْءِ؛ لأنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: ١٥٠ - ١٥١].

فالإيمانُ بِبَعْضِ الرُّسلِ دون بعضٍ كالإيمانِ بِبَعْضِ الشَّريعَةِ دون بعْضٍ؛ لأنَّ الأوَّلَ تَجْزِئَة في الرُّسُلِ، وهذا تَجْزِئَة في المُرْسَل به ولا فَرْقَ؛ فالذي يُؤْمِنُ بِبَعْضِ الكِتَابِ ويَكْفُرُ بِبَعْضِه هو في الحَقيقة كافرٌ بالجميعِ؛ لأنَّنا نقول: لو سَلَّمْتَ أَنَّه من الله وأنَّه شَرْعُه ما كَفَرْتَ به، فإذا كَفَرْتَ به فهو كفرٌ بالجميعِ، وشَرْعُ الله تعالى لا يَتَبَعَّضُ.

ومِن هنا نأخُذ خُطورةَ الأمرِ في كثيرٍ من بلدان المُسْلِمين الذين يُحَكِّمون فيما بينهم غيرَ شريعَةِ الله، ويَرونَ أنَّ هذه القوانينَ الوَضْعِيَّة الطَّاغوتِيَّةَ أَفْضلُ من شَرْعِ الله، وأَقْوَمُ لعبادِ الله وأَقْوَمُ لمصَالِح عباد الله مِمَّا شَرَعَه الله، نَسْأَلُ الله العافية.

وهذا بلا شَكٍّ نَقْصٌ في عُقُولهِم، وذَهَابٌ لأَدْيانِهِم، كيف يكون هذا الوَضْعُ الطَّاغوتِيُّ المُحْدَثُ المَبْنِيُّ على العَقْل القاصِر أَفْضَلَ وأَنْفَعَ للعبادِ مِن شَرْعِ الله عَزَّ وَجَلَّ الذي شَرَعَه لعبادِه وهو أَعْلَمُ بِمَصَالحِهِم وأَحْكَمُ بما يُرْشِدُهُم؟ !

أيُّ إِنْسَانٍ عنده عَقْلٌ - فَضْلًا أن يكون عنده إيمانٌ - لا يُمْكِنُ أبدًا أن يدورَ في فِكْرِه أنَّ هذه الأَحْكَامَ الوَضْعِيَّة المُخالِفَة لشَرْع الله خيرٌ لعِبادِ الله مِن شَرْع الله إلا مُخَبَّلًا ومَجْنونًا، والعياذ بالله، وما ذلك بِغَريبٍ على بني آدَمَ؛ فالذين كانوا يَعْبُدون الأَحْجارَ في الجاهِلِيَّة مثل هؤلاء في السَّفَه، هؤلاء أيضًا عَبَدوا آراءَ غَيْرهم وقَدَّمُوها على شَريعَةِ الله.

<<  <   >  >>