للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: كَمالُ قُدْرَته وحِكْمَتِه؛ حيث ابتدأ خَلْقَ هذه السَّمَواتِ العَظيمَةِ وهذه الأَرْضِ على هذا النِّظامِ البَديعِ من غَيْر أن يَسْبِقَ مثالٌ يَحْتذيهُ وَيقْتَدي به، ومعلومٌ أنَّ مُبْدِعَ الصَّنْعَة يُشْهَدُ له بالخِبْرَة والقُدْرَة؛ لأنَّه أَنْشَأَ شيئًا جديدًا وصارَ هذا الشَّيْءُ الجَديدُ مُنْتَظِمًا على تمَامِ الإنْتِظامِ وغايَةِ الإِحْكامِ فإنَّه يُشْهَد له بالكمالِ والخِبْرَة، ففي كَوْنِه فاطِرَ السَّمَواتِ والأَرْضِ دليلٌ على القُدْرَةِ وعلى الحِكْمَةِ؛ لأنَّه خَلَقَهُما على غَيْر مثالٍ سَبَقَ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ السَّمَواتِ مُتَعَدِّدةٌ، وقد بيَّنها الله تعالى في آيَةٍ أخرى أنَّها سَبْعٌ، وقال: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [المُؤْمِنون: ٨٦]، وأمَّا الأَرْض فذُكِرَت مفْرَدَةً باعتبارِ الجِنْسِ، وهي سَبْعُ أَرَضينَ، والدليلُ من القُرْآنِ قَوْله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: ١٢]، ومن السُّنَّة: "مَنِ اقْتَطَعَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ظُلْمًا طَوَّقَهُ اللهُ إيَّاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ" (١).

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثبات المَلائِكَةِ؛ لِقَوْله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أنَّ من المَلائِكَة مَنِ اصْطَفاهُم الله تعالى رُسُلًا إلى الخَلْقِ بالوَحْيِ وغَيْرِ الوَحْيِ؛ لِقَوْله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: أنَّ هؤلاء الرُّسُلَ لهم أجْنِحَة مُتَعَدِّدَةُ الأَصْنافِ ومُتَعَدِّدَةُ الأَعْيان، يعني أنَّها مُتَعَدِّدَةٌ كمِّيَّةً وكَيْفِيَّةً؛ لِقَوْله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ}.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ فيها إِشَارَةً إلى سُرْعَةِ تَنَقُّلِ المَلائِكَةِ لِقُوَّةِ أجْنِحَتِهم؛ لِقَوْله


(١) أخرجه البخاري: كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض، رقم (٢٤٥٢)، ومسلم: كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، رقم (١٦١٠)، من حديث سعيد ابن زيد - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>