للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمَّا من حيث المَعْنى فيفيد ثلاثة أُمُور: يفيد التَّوْكيدَ، والحَصْرَ، والتَّمْييزَ بين الخَبَرِ والصِّفَة.

فتقول مثلًا: (زيدٌ الفاضِلُ) ليس فيها ضميرُ فَصْل، فهنا يُحْتَمَل أن تكون (الفاضِلُ) خبرًا، ويُحْتَمَل أن تكون صِفَةً والخبرُ لم يأتِ، ويُمْكِن أن نقول: تَقْدير الكَلَام: زيدٌ الفاضِلُ قائمٌ، فتكون الفاضِلُ صِفَةً، فإذا قلتَ: (زيدٌ هو الفاضِلُ) تعيَّنَ أن تكون الفاضِلُ هنا خبرًا، ولا يُمْكِنُ أن تكون صِفَةً، إذن فهو يُمَيِّز بين الصِّفَة والخَبَرِ، فيكون ما بعده خَبَرًا لا صِفَةً، ولولاه لكان مُحْتَمَلًا أن يكون خَبَرًا أو صِفَةً؛ هذا شَرْح قَوْلنا: (التَّمْييزُ بين الخَبَرِ والصِّفَةِ).

فيفيد الحَصْر؛ فإذا قُلْتَ: زيدٌ فاضلٌ، هل يَمْنَعُ أن يكون غَيْرُه فاضِلًا؟ لا يمنع.

فإذا قلت: زيدٌ هو فاضِلٌ، أو زيدٌ هو الفاضِلُ؛ نَعَم، تعني أن يكون (زيدٌ) وَحْدَه هو الفاضِلُ.

أما التَّوْكيدُ فلا شَكَّ أنَّ قَوْلك: (زيدٌ الفاضل) تريد المُبْتَدَأ والخبَرَ، لا شَكَّ أنَّها جُمْلَةٌ تامَّةٌ ومعناها واضِحٌ، لكن إذا قلت: زيدٌ هو الفاضِلُ كأنَّك اتَّكَأْتَ عليه وزِدْتَها توكيدًا.

فـ {الْفَضْلُ} بمَعْنى العطاء من الله، {الْكَبِيرُ} حيث الحَجْمُ فهو كبيرٌ في كَيْفِيَّتِه، ونحن نَعْلَم من جهةٍ أخرى أنَّه كثيرٌ في كَمِّيَّتِه فيجتمع في هذا العطاء الكَمِّيَّة والكَيْفِيَّة، فهو فضلٌ كبيرٌ في ذاتِهِ وكَيْفِيَّته، وفضلٌ كثير أيضًا في عَدَدِهِ وكَمِّيَّته: {ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}.

<<  <   >  >>