للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أنَّ فاعِلَ هذه الأشياء هو الله؛ لِقَوْله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} ولا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أن يَفْعَلَه إطلاقًا، ففيه إبطالٌ لِقَوْلِ أَهْلِ الطَّبيعَةِ الذين يقولون: إنَّ اخْتلافَ اللَّيْلِ والنَّهَارِ والشَّمْسِ والقَمَرِ كان بمُقْتَضَى طبيعَةِ الأَفْلاكِ، فيُرَدُّ عليهم بِقَوْله تعالى: {ذَلِكُمُ} أي: فاعِلُ هذا {اللَّهُ رَبُّكُمْ}.

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: عموم مُلْكِ الله لِكُلِّ شَيْء؛ لِقَوْله تعالى: {الْمُلْكُ} و (أل) هنا للعُمُوم، وضابِطُ (أل) التي للعُمُومِ أن يَحُلَّ مَحَلَّها (كُلٌّ)، فإذا صَحَّ أن يَحُلَّ مَحَلَّها (كُلٌّ) فهي للعموم، كما في قَوْلِه تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: ٢] فإذا جُعِلْتَ بَدَلَ (أل) كُلٌّ تصيرُ (إنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ لَفِي خُسْر)، وكقَوْله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]، إذا جُعِلَتْ بَدَلَها (كُلٌّ) تصير (خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ ضعيفًا)، وهنا {لَهُ الْمُلْكُ} هل يَصِحُّ أن يَحُلَّ مَحَلَّها (كل)؟

الجواب: نعم، نقول: (له كُلُّ مُلْك).

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: اختصاص الله تعالى بالمُلْكِ؛ لِقَوْله تعالى: {لَهُ الْمُلْكُ} حيثُ قَدَّم الخبَرَ، وحَقُّه التَّأْخيرُ، وقد تقدَّم في أثناء التَّفْسيرِ الجَمْعُ بين هذه الآيَة وبين إثباتِ المُلْك لغير الله وبَيَّنَّا أنَّه لا تعارُضَ بينهما؛ لأنَّ المُلك الذي لله له شأنٌ والمُلْك الذي للآدَمِيِّينَ له شأنٌ آخَرُ.

الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أنَّ ما يُدْعَى من دون الله لا يَجْلِبُ خيرًا لداعيه بأيِّ وَجْهٍ من الوُجُوهِ؛ لأنَّ الله نفى عنه كلَّ طريقٍ يُمْكِنُ أن يَصِلَ به الخَيْر أو يَنْدَفِعَ به الضَّرَر، فقال: {لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ} هذا في انتفاء الخَيْرِ وعَدَمِ إزالَةِ الضَّرَر والشَّرِّ، زِدْ على ذلك أنَّه يومَ القِيامَة يكفرونَ بِشِرْكِ هؤلاء، وهذا ضررٌ أَعْظَمُ.

<<  <   >  >>