للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقاموا كُلَّ صلاةٍ، والصَّلاةُ مَعْروفَةٌ، وهي في اللُّغَة: الدُّعَاءُ، وفي الشَّرْع: التَّعَبُّد لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأَقْوَالٍ وأَفْعَالٍ مَعْلُومَةٍ، مُفْتَتَحَةٌ بالتَّكْبيرِ مُخْتتَمَةٌ بالتَّسْليمِ.

قال: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} هذه الجُمْلَة شَرْطِيَّةٌ، وفِعْلُ الشَّرْط فيها {تَزَكَّى} وجوابُه: {فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}.

قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: {وَمَنْ تَزَكَّى} تطَهَّرَ من الشِّرْك وغيره] لأنَّ الزَّكاةَ تُفيدُ مَعْنى الطُّهْر، والمُرَادُ بالتَّزَكِّي هنا هو ما دَلَّ عليه قَوْله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: ١٤] وَقَوْله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس: ٩]؛ أي: من زَكَّى نَفْسَه؛ أي: طَهَّرَها من الشِّرْك.

وَقَوْل المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [وغيره] كإِرادَةِ السُّوء مثلًا، والمعاصي، وإِرادَة الإِسَاءَةِ إلى الخَلْق، وغير هذا مِمَّا يَجِبُ على الإِنْسَانِ أن يُطَهِّرَ نَفْسَه منه، فهي إِذَن عامَّةٌ، وهل يَدْخُل في ذلك أداءُ الزكاة؟

الجوابُ: نعم، يَدْخُل في ذلك؛ لأنَّ أدَاءَ الزَّكاةِ يُطَهِّرُ من البُخْلِ؛ ومِنَ الواجِبِ، فهي داخِلَةٌ في قَوْله تعالى: {وَمَنْ تَزَكَّى}.

قَوْله عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} المُرَاد بهذا الحَثُّ على التَّزكِّي؛ لأنَّك إذا تَزَكَّيْتَ فإنَّما تَنْفَعُ نَفْسَك، ومن لم يَتَزَكَّ فَضَرَرُه على نفسه، فأنت إذا تَزَكَّيْتَ فالذي يَنْتَفِع بِتَزَكِّيكَ أنت نَفْسُك؛ والله عَزَّ وَجَلَّ لا يَنْتَفِعُ بطاعَتِكَ، أمَّا غَيْرُ الله فقد يَنْتَفِعُ بطاعَتِكَ لا لأنَّ حَسَناتِكَ له ولكن قد يَنْتَفِعُ بطاعَتِكَ: بالقُدْوَة بك، وبما يَحْصُل من عِلْم، أو غَيْرِ ذلك مِمَّا هو داخِلٌ في التَّزْكِيَة.

وَقَوْله تعالى: {فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} أي: فَعَلَيْه أن يَحرِص على التَّزَكِّي.

<<  <   >  >>