للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإِنْسَان: ٣٠].

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: أنَّه يَنْبَغي للإِنْسَان، بل يَجِبُ على الإِنْسَان أن يَلجَأَ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَه، في جَلْبِ المنافِعِ ودَفْعِ المضارِّ؛ لِقَوْله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ} فإذا كان يُسْمِعُنا الله، فلا تُسْأَلُ مِن غَيْرِهِ، لا تُسْأَلُ إلا مِنَ الله.

ولهذا يَنْبَغي لنا دائمًا أن نكون داعينَ لله عَزَّ وَجَلَّ ونَخنُ نَشْعُر بأنَّنا مُفْتَقِرون إلى الله، وأنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قادِرٌ على أن يحَقِّق لنا ما نرجوه وما ندعوه به، لا تَعْتَمِد على نَفْسِك وتنسى الله، افْزَعْ إلى الله دائمًا في الدُّعَاءِ، في السُّجُود، وبين الأذانِ والإقامة، وفي كلِّ مواطِنِ الإجابة الزَّمَنِيَّة والمكانِيَّة والحالِيَّة؛ لأنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦].

ثم اعلم أيضًا أنَّ الدُّعَاء مع كَوْنِك تَطْلُب حاجَتَكَ من الله هو نَفْسُه أيضًا عِبَادَةٌ تَتَقَرَّب بها إلى الله، فتَكْسِبُ بهذا الدُّعَاء ثَمَرَتَيْنِ: الثَّمَرَة الأولى: الثَّوابُ على هذه العِبَادَة، والثَّمَرَة الثَّانِيَة: حُصولُ المَطْلوبِ أو دَفْعُ المَكْروهِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يَسْتَطيعُ أن يُسْمِعَ من في القبور؛ لِقَوْله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} فلو أنَّ الرَّسُولَ - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى أَهْلِ المَقْبَرَة ودعاهم وقال: (يا أَهْلَ القُبُورِ؛ آمِنُوا بالله ورَسُولِهِ، يا أَهْلَ القُبُورِ، اعملُوا صَالِحًا) لا يَسْمَعونَ.

فإن قُلْتَ: ما الجوابُ عما ثَبَتَ في الحديث الصَّحيحِ منَّ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وقف على قتلى المُشْركينَ في قَليبِ بَدرٍ، وجَعَلَ يدعوهم بأَسْمائِهِم وأَسْماءِ آبائِهِم، فقال: "يَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، يَا شَيْبَةُ بْنَ رَبِيعةَ، يَا عُتْبَةُ بْنَ رَبِيعَةَ، يَا أُمَيَّةُ بْنَ خَلَفٍ: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَني رَبِّي حَقًّا؟ " قَالُوا: كَيْفَ تُكَلِّمُ

<<  <   >  >>