للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مِنْ بَعْدِ} عائِدًا إلى الله عَزَّ وَجَلَّ، وهذا أَقْرَبُ؛ لأنَّها أدَلُّ على كمالِ التَّصَرُّف في حقِّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

قَوْله تعالى: {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} قال رَحِمَهُ الله: [{الْعَزِيزُ}: الغالِبُ على أَمْرِه {الْحَكِيمُ} في فِعْلِه] وهذا التَّفْسيرُ من المُفَسِّر رَحِمَهُ الله قاصِرٌ؛ لأنَّ قَوْله: [{الْعَزِيزُ} الغالِبُ على أمْرِه]، هذا أحَدُ معاني (العزيزِ)؛ فإن (العزيزَ) له ثلاثَةُ معانٍ: عِزَّةُ القَدْرِ، والقَهْرِ، والإمْتِناعِ.

١ - القَهْرُ وهو مَعْنى قَوْله: [الغالب على أَمْرِه]، ونقول: إنَّه يَشْمَلُ الغالِبَ على أمره الذي لا يُغلَب، وهذا هو القَهْرُ.

٢ - ذو القَدْرِ الرَّفيعِ العالي، وهذا مَعْنى قَوْلنا: (عِزَّةُ القَدْر).

٣ - أمَّا عِزَّةُ الإمتناعِ؛ يعني: أنَّه يَمْتَنِع أن ينالَه سوءٌ أو نَقْصٌ أو عَيْبٌ.

فالعِزَّةُ إذن ثلاثةُ معانٍ، وليست معنًى واحدًا.

أما {الْحَكِيمُ} فقال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [في فِعْلِه]، وهذا أيضًا قصورٌ؛ لأنَّ الله حكيمٌ في فعله وَقَوْله، في قَدَرِه وشَرْعِه، في الكُلِّ، بل إنَّ الحكيمَ لها مَعْنًى آخرُ؛ لأنَّها مَأْخوذةٌ من الحُكم والإِحْكامِ، فهو ذو حُكمٍ وذو إحكامٍ، والحُكْمُ كَونيٌّ وشَرْعِيٌّ، والإحكامُ في الغاية أو في الصُّورَة التي عليها الشَّيْء، فالجميعُ أربعةُ أَنْواعٍ، ويَقْرِنُ الله تعالى دائمًا بين العِزَّةِ والحِكْمَةِ؛ لما في ذلك من كمال عِزَّتِه وحِكْمَتِه.

* * *

<<  <   >  >>