وَقَوْله تعالى:{فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} من كفر فعليه كُفْرُه ولا يَضُرُّ غَيْرَه شيئًا ولا يَضُرُّ اللهَ شيئًا أيضًا، وهذا كقَوْله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}[فصلت: ٤٦] فكُفْرُ الإِنْسَان على نَفْسِه وليس يَضُرُّ غَيْرَه شيئًا.
أما قَوْله تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال: ٢٥] فإنَّ هذا من باب تَعْميمِ العُقُوبَةِ التي لا يَخلو مِنها تَقْصِير بَعْضِ أَهْل الإِحْسانِ، أمَّا لو قاموا بما يَجِبُ عليهم فإنَّ العُقُوبَةَ لا تَعُمُّهُم؛ لأنَّ الله تعالى يقول:{وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الزمر: ٦١].
ولأنَّ الواقِع شاهِدٌ بذلك؛ فنوحٌ وهودٌ وغيرُهُما من الرُّسُل أنجاهُمُ الله مع أنَّه أخذ أَقْوامَهُم بالعُقُوبَة.
يقول عَزَّ وَجَلَّ:{فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} أي: وبالُ كُفْرِه {وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا}؛ كُفْرُ الكافرين عند الله لا يزيدهم إلا مَقْتًا، لا يزيدهم عند الله محُاباةً لهم أو رَحْمَةً بهم؛ لأنَّ الحُجَّة قامت عليهم، فكُلَّما ازدادوا كُفْرًا ازدادوا مَقْتًا.