للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذا قَوْله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: ١٢٨]، وقال لهم: {وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ} [الأعراف: ١٢٩].

ففي هذا بِشارَةٌ للمُؤْمِن فلا يَيْأَس من أنَّ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَجْعَلُ له الخلافة في الأَرْضِ، وإنذارٌ للكافِرِ بأن تُجْتَاحَ أَرْضُهُ على أيدي المُؤْمِنين.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: حِكْمَة الله عَزَّ وَجَلَّ في توارُثِ الأُمَمِ بَعْضِها بعضًا، فإنَّه لولا ذلك لضاقَتِ الأَرْضُ بأَهْلها، فلو كان كلُّ من أوجده الله بَقِيَ، فكم يكون عدد العالم؟

لا يُحْصَوْنَ، وحينئذٍ تضيق بهم الأَرْضُ ويَشُقُّ عليهم تَحْصيلُ الأَرْزاقِ وإن كان الله عَزَّ وَجَلَّ قد يَجْعَلُ لهم من الرِّزْقِ ما لا يَخْطُرُ بالبالِ، لكن لا شَكَّ من أنَّ النَّاس يَخْلُفُ بَعْضُهُم بعضًا، هذا يموت وهذا يحيا، هي الحِكْمَة والرَّحْمَةُ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: بَيانُ شُؤْمِ الكُفْرِ وعاقِبَتِه؛ لِقَوْله تعالى: {فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ كُفْرَ الكافر على نفسه لا على غَيْرِهِ، وهو كقَوْله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: ١٨] وأوردنا على هذه الجُمْلَة إِشْكالًا وأَجَبْنا عنه.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: إِثْباتُ صِفَةِ البُغْضِ لله عَزَّ وَجَلَّ، بل إثباتُ صِفَةِ المَقْتِ الذي هو أشَدُّ البُغْضِ؛ لِقَوْله تعالى: {إِلَّا مَقْتًا} والمَقْتُ من صفات الله الفِعْلِيَّة؛ لأنَّ كل صفةٍ تُقْرَنُ بِسَبَبٍ، فهي من الصِّفات الفِعْلِيَّة لأنَّها حينئذٍ تتعَلَّقُ بِمَشيئَة الله؛ إذ إنَّ السَّبَب واقِعٌ بِمَشيئَتِهِ، والسَّبَبُ هو الذي عُلِّقَتْ به الصِّفَة فتكون الصِّفَةُ إِذَن واقِعةً بِمَشيئَتِهِ.

<<  <   >  >>