و {غَيْرُ اللَّهِ} فيه قراءتان (غَيْرُ) و (غَيْرِ)، وكلاهُما صحيحٌ، أمَّا على قِراءَة الجَرِّ (غيرِ الله) فهي صِفَةٌ تابعةٌ لِلَفْظِ {خَالِقٍ} لأنَّ {خَالِقٍ} مَجْرورٌ، وأمَّا على قِراءَة الرَّفْعِ فهي صِفَةٌ تابعةٌ لمَحَلِّ {خَالِقٍ}؛ لأنَّ محلَّه الرَّفْع على الإبْتِداء.
ولهذا قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ:[بالرَّفْعِ والجَرِّ نعتٌ لخالِقٍ لفظًا ومَحَلًّا] في كَلَام المُفَسِّر رَحِمَهُ اللهُ لفٌّ ونشرٌ مُشَوَّش، ونقول:(غيْرُ مُرَتَّبٍ) إذا صار في القُرْآن أو في الحديثِ، أمَّا في كَلَامِ النَّاسِ فنقول:(مُشَوَّش).
فهو (بالرَّفْع والجَرِّ نَعْتٌ لخالِق) لو كان مُرَتَّبًا لقال: (نَعْتٌ لخالقٍ محلًّا)؛ لأنَّه بالرَّفْعِ يكون نعتًا للمَحَلِّ، وبالجَرِّ يكون نعتًا للَّفْظ.
وعلى كُلِّ حالٍ:{غَيْرُ اللَّهِ} فيها قراءتان، ولكلٍّ منهما وجْهٌ في اللُّغَة العَرَبِيَّة.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ الله: قَوْله [{يَرْزُقُكُمْ}: خَبَرُ المُبْتَدَأ] هل الفِعْلُ نَفْسُه خَبَرُ المُبْتَدَأ أو الجُمْلَة؟
الجواب: الجُمْلَة، لكنَّهُم عند الإِعْراب يتساهَلونَ فمثلًا يقول:(فلانٌ في المَسْجِد) يقولُ: (في المسجد): جارٌّ ومَجْرورٌ خَبَرُ المُبْتَدَأ.
قَوْله تعالى:{هَلْ مِنْ خَالِقٍ} استِفْهامٌ بمَعْنى النَّفْي، وقد ذَكَرْنا سابقًا أنَّ الإسْتِفْهامَ إذا كان بمَعْنى النَّفْيِ فإنَّه مُشْرَبٌ مَعْنى التَّحَدِّي؛ يعني: لو قال: (لا خَالِقَ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقكُمْ) استقامَ الكَلَامُ، لكن إذا قال:(هل من خالِقٍ) صار أَبْلَغَ؛ لأنَّه يَتَضَمَّن النَّفْيَ والتَّحَدِّيَ، كأنَّه يقول:(أروني خالِقًا غَيْرَ الله يَرْزُقُكم من السَّماء والأَرْض) كما قال الله تعالى في آيَةٍ أخرى: {أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ}[فاطر: ٤٠].
وَقَوْله تعالى:{خَالِقٍ} الخَلْقُ في اللُّغَةِ: التَّقْديرُ، ومنه قَوْلُ الشَّاعِرِ: