للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنَّه يَجِبُ على الإِنْسَان ألَّا يَرْتَبِطَ بالدُّنْيا مهما حَصَلَ له من زَهْرَتِها ونَعيمِها؛ لِقَوْله تعالى: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنَّ من اغَتَرَّ بالدُّنْيا فإنَّه مَخْدوعٌ؛ لِقَوْله تعالى: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ} أي: تَخْدَعَنَّكم؛ لأنَّ العاقِلَ لا يَنْخَدِعُ بذلك.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: الإشارَةُ إلى وجوبِ العِنايَةِ بالآخِرَة؟ لِقَوْله تعالى: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} فإذا نُهينا عن الحَياةِ الدُّنْيا، فمعناه أنَّنا نُلْزَمُ أو نُؤْمَرُ بالعنايَةِ بالآخِرَة؛ لأنَّها في الحَقيقَةِ هي المُنْتَهى، أمَّا هذه الدُّنْيا فإنَّ الإِنْسَانَ يَمُرُّها عابرًا فقط، حتى القُبُور التي يبقى فيها الإِنْسَانُ مِنَ السَّنَواتِ لا يَعْلَمُها إلا اللهُ هي مَحلُّ عُبُورٍ، قال الله تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر: ١ - ٢] سَمِعَ أعرابِيٌّ فتًى يَقْرَأُ هذه الآيَةَ، فقال: (والله ما الزَّائِرُ بِمُقيمٍ) أو (إنَّ الزَّائِرَ لظاعِنٌ)؛ لأَنَّه قال: {حَتَّى زُرْتُمُ} والمعروف أنَّ الزَّائِرَ يَبْقى مُدَّةً ثم يَنْصَرِف.

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: دُنُوُّ الدُّنْيا مَرْتَبَةً ودناءتُها؛ لِقَوْله تعالى: {الدُّنْيَا} فهي وإن كانت حياةً لكنها دُنْيا، ويَسْتَلْزِمُ ذلك الثَّناءَ على الآخِرَة؛ لأنَّ وَصْفَ الضَّرَّة بالعَيْبِ يدلُّ على وَصْفِ ضَرَّتِها بالكَمالِ، قال الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (١٦) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: ١٦ - ١٧].

الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: جوازُ تَنَعُّمِ الإِنْسَانِ بالدُّنْيا على وجهٍ لا تَغُرُّه؛ لِقَوْله تعالى: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ} ولم يَقُلْ: (فلا تَتَنَعَّمُوا في الدُّنْيا بشَيْءٍ)، بل قال: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.

الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: عِظَمُ الخَطَرِ من كثرة المالِ ويُسْرِ العَيْشِ؛ لأنَّ هذا قد يَخْدَعُ المَرْءَ، قال النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "فَوَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكَنِّي أَخْشَى أَنْ

<<  <   >  >>