للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقي في أنفسِهم ما كانت عليه الجاهليةُ الأولى من عدم توريث الإناث، ومَن لا حظَّ له عندهم من الورثة وإن كانوا ذكورًا، فأرادوا الاقتداءَ بهم، ولكنهم لما كانوا مخبُوطين بسوط الشرع، مقهورين بسَيفه، نصَّبوا هذه الوسائل الملعونة؛ فقالوا: «نَذَرْنا، وَهَبْنا، أو وَصَّيْنا»! وساعدهم على ذلك طائفةٌ من المقصِّرين الذين لا يَعقِلون الصواب، ولا يفهمون ربطَ المسبَّبات بأسبابها، فحرَّروا لهم تحريراتٍ على أبلغ ما يُفيدُ النفوذَ والصحة، طمعًا فيما يتعجَّلونه من الحُطام الذي هو مِنْ أقبح أنواع السُّحت (١)؛ فإن ما يأخذونه على ذلك هو حرامٌ؛ كما ثبت عن الشارع من تحريم حُلوانِ الكاهن وأجرِ البَغِيِّ (٢)، وما يأخذُه مَنْ يُعلِّمُ كتابَ اللَّه (٣)، ونحو ذلك من الأمور.


(١) السُّحت: الحرام.
(٢) صحيح: رواه أحمد (١/ ٢٣٥)، والبخاري (٢١٢٢)، ومسلم (١٥٦٧)، وأبو داود (٣٤٢٨)، والترمذي (١١٣٣)، والنسائي (٤٢٩٢)، وابن ماجة (٢١٥٩).
(٣) يشير الإمام إلى الحديث الذي رواه عبادة بن الصامت قال: علَّمتُ ناسًا من أهل الصُّفَّةِ الكتابَ والقرآن، فأهدَى إليَّ رجلٌ منهم قوسًا، فقلتُ: ليست بمالٍ، وأرمي عنها في سبيل اللَّه ﷿! لآتِينَّ رسول اللَّه ، فلَأسألنَّه. فأتيتُه، فقلت: يا رسول اللَّه، رجلٌ أهدَى إليَّ قوسًا ممن كنتُ أُعلِّمُه الكتابَ والقرآن، وليست بمالٍ، وأرمي عنها في سبيل اللَّه! قال: «إن كنتَ تُحبُّ أن تطوَّق طَوْقًا من نارٍ فاقبلها». صحيح: رواه أحمد (٥/ ٣١٥)، وأبو داود (٣٤١٦)، وابن ماجه (٢١٥٧)، وصحَّحه الشيخ الألباني، وحسَّنه الشيخ شعيب الأرنؤوط.
قلت: وهذه المسألة لابد من فهمها جيدًا؛ حيث تنقسم إلى شقين:
الأول: أخذ الأجر على مجرد «قراءة القرآن»؛ كما يفعله أهل المآتم والذين يقرؤونه في «الحَفَلات» وأمثال ذلك.
الثاني: أخذ الأجر على «تعليم القرآن للغير»؛ كحال معلِّمي القرآن في المعاهد والكتاتيب والمنازل وغير ذلك.
١ - أما أخذ الأجر على «تلاوة» القرآن، فإن الإجماع انعقد على تحريم أخذ المال عليه؛ =

<<  <   >  >>