للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يشكُّ مَنْ يفهمُ الحججَ الشرعية أن سببَ تحريم ذلك هو كونُه على تحليلِ حرامٍ أو تحريمِ حلال.

وهذا الذي يَكتبُ هذه المَكاتيبَ الطاغوتيةَ المتضمِّنةَ لمخالفةِ ما شرعه اللَّه لعباده من المواريث، وقدَّره لهم في كتابه، وقيَّده بعدم الضرار هو أَوْلى بتحريم ما يأخذُه من أولئك.


= القرآن؛ فلماذا حرَّم النبي على عبادةَ بن الصامت أخذَ الأجر على تعليم أهلَ الصُّفَّة كما تقدم قريبًا؟!.
والجوابُ هو ما قاله الإمام الخطابي : اختلف الناسُ في معنى هذا الحديث [أي: حديث عبادة] وتأويله:
فذهب قومٌ من العلماء إلى ظاهره، فرأَوا أن أخذَ الأُجرةِ والعِوضِ على تعليم القرآن غيرُ مباح، وإليه ذهب الزُّهري، وأبو حنيفة، وإسحاق بن راهُويه.
وقالت طائفةٌ: لا بأس به ما لم يَشترط، وهو قولُ الحسن البصري، وابن سيرين، والشعبي.
وأباح ذلك آخرون [أي: سواءٌ باشتراطٍ أم لا]، وهو مذهب عطاء، ومالك، والشافعي، وأبي ثور، واحتجوا بحديث سهلِ بن سعدٍ أن النبي قال للرجل الذي خَطب المرأة فلم يجد لها مَهرًا: «زَوَّجتُكها على ما معكَ منَ القرآن»، وتأولوا حديثَ عبادة على أنه أمرٌ كان تَبرَّعَ به، ونَوى الاحتساب فيه، ولم يكن قصدُه وقتَ التعليم إلى طلب عِوَضٍ ونفعٍ، فحذَّره النبي إبطالَ أجره وتوعَّدَه عليه، وكان سبيلُ عبادة في هذا سبيلَ مَنْ ردَّ ضالةَ الرجل، أو استخرج له متاعًا قد غَرِق في بحر تبرُّعًا وحسبةً؛ فليس له أن يأخذَ عليه عِوضًا، ولو أنه طلب لذلك أُجرةً قبل أن يفعلَه حسبةً؛ كان ذلك جائزًا.
وقال بعضُ العلماء: أخذُ الأجرةِ على تعليم القرآن له حالات: فإن كان في المسلمين غيرِه ممن يقومُ به حلَّ له أخذُ الأجرةِ عليه؛ لأن فرضَ ذلك لا يتعيَّنُ عليه، وإذا كان في حالٍ أو موضعٍ لا يقوم به غيره؛ لم يحلَّ له أخذ الأجرة.
قلت أبو شعيب: وقول الجمهور الشافعي ومن معه أصح إن شاء اللَّه.
وقول الإمام الخطابي إلى هنا مستفاد من «تحقيق سنن أبي داود» (٥/ ٢٩٠ ط: الرسالة)، واللَّهُ الموفِّق.

<<  <   >  >>