للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجعلها مساجدَ؛ فخالفوا ما تقدم عنه ، مع مخالفتِهم لِما ثبت في «الصحيح» عنه ثبوتًا لا يخالفُه فيه مخالفٌ؛ من أن النبي قال: «لا تَجعلوا قبري مسجدًا، ولا تَجعلوا قبري وَثنًا يُعبد» (١)، «لَعَن اللَّهُ اليهودَ؛ اتَّخذوا قبورَ أنبيائهم مساجد» (٢).

وكان هذا القولُ مِنْ آخِرِ ما قاله في مرضِ موته، كما ثبت أن آخِرَ ما قاله الأمرُ بإخراج اليهود من جزيرةِ العرب (٣)، والنهيُ عن اتخاذِ قبره مسجدًا، وتنفيذُ جيش أسامة (٤).

ثم كان الواقعُ من أمَّته بعد هذا التأكيد أنهم بنَوا على قبرهِ الشريف قُبةً! وما زال ملوكُ الإسلام يبالِغون في تحسينها وتزيينِها ورفع سَمْكِها (٥)،


(١) لم أقف على حديثٍ بِهذا اللفظ؛ وإنما الذي وقفت عليه:
١ - «اللهم لا تَجعلْ قبري وثنًا يُعْبَد … »؛ رواه مالك في «الموطأ» (١/ ١٨٥)، وابن سعد في «الطبقات» (٢/ ٢٤٠)؛ مرسلًا عن عطاء بن يسار ، وصحَّحه الشيخ الألباني في «المشكاة» (١/ ١٦٥)، وفي «تحذير الساجد» (ص ٢٦).
٢ - «ألا فلا تتخذوا القبورَ مساجد؛ فإني أنهاكُم عن ذلك»، صحيح: رواه مسلم (٥٣٢)، وابن حِبَّان (٦٤٢٥). ولا ريب في ثبوت الأحاديث الكثيرة في النهي عن اتخاذ القبور مساجد، ومن أنفع ما كُتب في ذلك رسالة الشيخ الألباني «تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد».
(٢) صحيح: رواه أحمد (١/ ٢١٨) و (٢/ ٣٦٦)، والبخاري (٤٣٧)، ومسلم (٥٣٠)، والنسائي (٢٠٤٧).
(٣) صحيح: رواه أحمد (١/ ٢٩، ٣٢)، ومسلم (١٧٦٧)، وأبو داود (٣٠٣٠)، والترمذي (١٦٠٦).
(٤) صحيح: رواه أحمد (١/ ٢٢٢)، والبخاري (٣٠٥٣)، ومسلم (١٦٣٧)، وأبو داود (٣٠٢٩).
(٥) السَّمك بفتح الميم: السقف. وأصلها مِنْ: رَفْع الشيء في الهواء. انظر: «تفسير القرطبي» (٢٢/ ٥٧).

<<  <   >  >>