للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلماتٍ قالها جماعةٌ من أكابر الأئمة، وظننتُ أنَّ نَقلَ إجماعِ أهل العلم يرفعُ عنهم العَمَاية، ويردُّهم عن طُرق الغِواية، فقاموا بأجْمعهم، وحرَّروا جواباتٍ زيادةً على عشرين رسالةً مشتملةً على الشتم والمُعارضةِ بما لا يَنفُقُ إلَّا على بَهيمة، واشتغلوا بتحرير ذلك، وأشاعُوه بين العامة، ولم يجدوا عند الخاصةِ إلَّا الموافقةَ تقيةً لشرِّهم، وفِرارًا من مَعرَّتِهم.

وزاد الشرُّ وتفاقَم، حتى أبلغوا ذلك إلى أربابِ الدولة، والمخالِطين للملوك من الوزراء وغيرِهم، وأبلغوه إلى مقامِ خليفةِ العصر حفظه اللَّهُ، وعظَّم القضيةَ عليه جماعةٌ ممن يتصلُ به؛ فمنهم مَنْ يشيرُ عليه بحَبسي، ومنهم من ينتصحُ له (١) بإخراجي من موطني، وهو ساكتٌ لا يلتفتُ إلى شيءٍ من ذلك! وقايةً من اللَّه وحِمايةً لأهل العلم، ومدافعةً عن القائمين بالحُجة في عباده.

ولم تكن لي إذ ذاك مُداخلةٌ لأحدٍ من أرباب الدولة، ولا اتصالٌ بهم، واشتدَّ لَهَجُ الناس بِهذه القضية، وجعلوها حديثَهم في مَجامعهم، وكان مَنْ بيني وبينهم مودةٌ يشيرون عليَّ بالفرار أو الاستتار، وأَجْمعَ رأيُهم على أني إذا لم أساعدهم على أحدِ الأمرين، فلا أعودُ إلى مجالسِ التدريس التي كنتُ


(١) ينتصح له: يُظهر له النصح.

<<  <   >  >>