للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووضع جماعةٌ مناقبَ لقوم، وآخرون مثالبَ لآخرين (١)، لا حاملَ لهم على ذلك إلَّا حبُّ الدنيا، والطمعُ في الحُطام، والتقربُ إلى أهل الرئاسة بما يَنفُقُ لديهم، ويَروجُ عليهم. نسألُ اللَّهَ الهداية، والحمايةَ من الغواية.

وكم قد سمِعنا ورأينا في عصرنا من أهله! فكثيرًا ما نرى الرجلَ يَعتقدُ في نفسه اعتقادًا يوافقُ الحقَّ ويُطابقُ الصواب، فإذا تكلَّم عند من يخالفه في ذلك، ويميلُ إلى شيءٍ من البدعة فضلًا عن أن يكونَ من أهل الرئاسة، وممن بيده شيءٌ من الدنيا، فضلًا عن أن يكون منَ الملوك: وافقه، وساعده، وسانده، وعاضده، وأقلُّ الأحوال أن يَكتم ما يعتقده من الحق، ويَغمِطَ (٢) ما قد تبيَّن له من الصواب عند مَنْ لا يُجوِّزُ منه ضررًا، ولا يقدِّرُ منه نفعًا؛ فكيف ممن عداه؟!.

وهذا في الحقيقة مِنْ تأثير (٣) الدنيا على الدِّين، والعاجلةِ على الآجلة، وهو لو أمعن نظرَه، وتدبَّر ما وقع فيه، لعلم أن ميلَه إلى هوى رجلٍ أو رجلينِ أو ثلاثةٍ أو أكثرَ ممن يُجاملُهم في ذلك المجلس، ويكتمُ الحقَّ مطابقةً لهم، واستجلابًا لمودتهم، واستبقاءً لِمَا لديهم، وفرارًا من نفورهم: هو (٤)


(١) مثالب: عيوب ومطاعن.
(٢) يَغمِط: يحتقر.
(٣) التأثير: التفضيل.
(٤) هذا خبر قوله: «لَعَلِمَ … » قبل سطرين.

<<  <   >  >>