للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد كان بنو أمية قبلَهم هكذا، يَعتقد أهلُ دولتهم فيهم أنهم هم الآلُ والقرابةُ وعصبةُ رسول اللَّه ، وأن العلَويةَ والعباسية ليسوا من ذلك في وِرْدٍ ولا صَدَر (١)، بل أطبقوا هم وأهل دولتهم على لعن عليٍّ، ولا يُعرف لديهم إلَّا ب «أبي تراب» (٢)، والمنتسِبُ إليه والمعظِّمُ له «تُرابيٌّ»؛ لا يُقام له وزن، ولا يُعظَّمُ له جانب، ولا تُرعى له حُرمة.

ثم قامت الدولةُ العُبيدية (٣)، فانتسبوا إلى عليٍّ، وسمَّوا دولتهم «الدولة العَلَوية الفاطمية»، ثم أفرطوا في التشيُّع، وغالَوا في حبِّ عليٍّ وبُغضِ كثيرٍ من الصحابة، واشتغل الناسُ بفضائلِ عليٍّ ونَشْرها، وبالغوا في ذلك، حتى وضع لهم علماءُ السوءِ أكاذيبَ مفتراةً، وقد جعل اللَّهُ ذلك الإمامَ (٤) في غنًى عنها بما ورد في فضائله.

فالناشئُ في دولةٍ ينشأ على ما يتظهَّرُ به أهلُها ويجدُ عليه سلَفَه، فيظنُّه الدينَ الحق، والمذهبَ العدل، ثم لا يجدُ مَنْ يُرشِدُه إلى خلافه إن كان قد تظهَّر أهلُه بشيءٍ من البدع، وعملوا على خلاف الحق؛ لأن الناس:


(١) يقصد: لا في قليل ولا كثير.
(٢) وهو الوصف الذي وصفه به رسولُ اللَّه ، كما في «صحيح البخاري» (٤٣٠)، وانظر: «مسند الإمام أحمد» (٤/ ٢٦٣)، و «صحيح مسلم» (٢٤٠٤)، و «سنن الترمذي» (٣٧٢٤). وما حال من يعيِّرُ عليًّا بِهذا الوصف الشريف إلا كحال القائل يومَ قال:
إذا مَحاسِني اللاتي أُدِلُّ بها عُدَّت ذنوبًا فقل لي: كيف أعتذرُ؟!
(٣) الدولة العُبيدية: دولةٌ باطنيةٌ شيعيةٌ رافضية، يُنسَبون إلى عُبيد اللَّه المهدي الخليفة الشيعيِّ الأول، وهي دولةٌ كافرة، قلبت أحوالَ الإسلام، وأعلنت الرفض، وأبطَنت مذهب الإسماعيلية. انظر بعض التفاصيل عنها في: «عصر الدولة الزنكية»، للشيخ المؤرِّخ عليِّ بن محمد الصلَّابي (٦٤٢ ط: دار ابن كثير دمشق).
(٤) يقصد عليًّا .

<<  <   >  >>