للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أ] إما عامةٌ، وهم يعتقدون في تلك البِدع التي نشؤُوا عليها، ووجدوها بين ظَهرانيهم: أنما هي (١) الدينُ الحق، والسُّنةُ القويمة، والنِّحلةُ (٢) الصحيحة.

[ب] وإما خاصةٌ، ومنهم:

١ - مَنْ يترك التكلُّمَ بالحق والإرشادَ إليه مخافةَ الضرر من تلك الدولة وأهلها بل وعامَّتِها (٣)؛ فإنه لو تكلَّم بشيءٍ خلافَ ما قد عمِلوا عليه، ونشروه في الناس، لَخَشِيَ على نفسه وأهلِه وماله وعِرضه.

٢ - ومنهم مَنْ يتركُ التكلمَ بالحق محافظةً على حظٍّ قد ظفِر به من تلك الدولة من مالٍ وجاه.

٣ - وقد يترك التكلُّمَ بالحق الذي هو خلافُ ما عليه الناس استجلابًا لخواطر العوام، ومخافةً من نفورهم عنه.

٤ - وقد يترك التكلمَ بالحق لطمعٍ يظنُّه ويرجو حصولَه من تلك الدولة أو من سائر الناس في مستقبل الزمان، كمن يطمعُ في نَيل رئاسةٍ من الرئاسات ومنصبٍ من المناصب كائنًا ما كان، ويرجو حصولَ رَزقٍ من السلطان أو أيِّ فائدة؛ فإنه يخاف أن تفوتَ عليه هذه الفائدةُ المظنونة، والرئاسةُ المطموع فيها، فيتظهَّرُ بما يوافق الناسَ، ويَنفُقُ عندهم، ويميلون إليه؛ ليكون له ذلك ذخيرةً ويدًا عندهم ينالُ بها عَرَضَ الدنيا الذي يرجوه.

فكيف يجدُ ذلك الناشئُ بين مَنْ كان كذلك مَنْ يُرشدُه إلى الحق، ويبيِّنُ له الصواب، ويحولُ بينه وبين الباطل، ويُجنِّبُه الغِواية؟! وهيهات ذاك؛


(١) أي: تلك البدع.
(٢) النِّحلة: المذهب.
(٣) أي: عوام أهلها.

<<  <   >  >>