للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هذا بمجتهدٍ حتى يقال: «إنه إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر» (١)؛ بل هذا مجازِفٌ متجرِّئٌ على شريعة اللَّه، متلاعبٌ بها؛ لأنه عَمَد إلى مَنْ لا يَعرِفُ علمَ الشريعة المطهَّرة فرواها عنه، وتَرَك أهلَها بمَعزِل (٢).

فإن كان يَعلَمُ أنه أخَذَ ما يَستدلُّ به من الأحاديث عن غير أهل الفنِّ، فهو قد أَتى ما أتاه من الاستدلال بالباطل، وإثباتِ المسائل التي ليست بشرع عن عَمْدٍ وقَصْدٍ؛ فما أحقَّه أن يعاقَبَ على ذلك!.

فقد صحَّ عن رسول اللَّه أنه قال: «مَنْ رَوَى عنِّي حديثًا يَرى أنه كذبٌ، فهو أَحَدُ الكاذبين»، وفي رواية: «يَظُنُّ أنه كَذِبٌ». والحديث ثابتٌ في «صحيح مسلم» وغيره (٣).

وقد ثبت في «الصحيحين» وغيرِهما؛ من حديث جماعة من الصحابة أن رسول اللَّه قال: «مَنْ كذب عليَّ متعمِّدًا فلْيَتبوَّأ مَقْعَدَه منَ النار» (٤).


(١) وقد سبق بيان الحديث الوارد في هذا المعنى ص (٣٠).
(٢) وقد أشرت إلى هذا الأصل في التعليق على الحديث السابق ص (٣٠).
(٣) صحيح: رواه أحمد (١/ ١١٢) (٤/ ٢٥٥)، ومسلم في «مقدمة صحيحه» (باب ١)، والترمذي (٢٦٦٢)، وابن ماجه (٣٨، ٣٩، ٤٠، ٤١)، وهو مروي عن عليٍّ وسمرة بن جُندب، والمغيرة بن شعبة أجمعين. ولفظ حديث عليٍّ في بعض نسخ «المسند»: «فهو أكذبُ الكاذبين». انظر: «مسند الإمام أحمد» (٢/ ٢٣٥ ط: الرسالة).
(٤) صحيح: رواه أحمد (١/ ٧٨، ٢٩٣، ٣٢٣، ٤٠٥) وغيره كثير، والبخاري (١١٠، ١٢٢٩، ٣٢٧٤، ٥٨٤٤)، ومسلم (٣، ٤)، وأبو داود (٣٦٥١)، والترمذي (٢٢٥٧، ٢٦٥٩، ٢٦٦٩)، وابن ماجه (٣٠، ٣٣، ٣٦)، عن عدةٍ من الصحابة الكرام، منهم عليٌّ، وابن عباس، وابن مسعود، وأبو هريرة، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، والزبير؛ أجمعين.

<<  <   >  >>